ما حكم الإسلام في المذاهب الأربعة وفيمن يتبع أحدها فقط ويتعصب له وهل المذهب الزيدي يعد مذهباً وهل الزيديون هم الشيعة أم ماذا ؟

الزيارات:
5865 زائراً .
تاريخ إضافته:
26 شوال 1434هـ
نص السؤال:
ما حكم الإسلام في المذاهب الأربعة وفيمن يتبع أحدها فقط ويتعصب له وهل المذهب الزيدي يعد مذهباً وهل الزيديون هم الشيعة أم ماذا ؟
نص الإجابة:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد : فحكم الإسلام في المذاهب الأربعة أنها بدعة ما أنزل الله بها من سلطان ، يقول الصنعاني رحمه الله تعالى في كتابه < إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد > : إن المذاهب لم تحدث إلا بعد القرون المفضلة ، والأمر كما يقول رحمه الله تعالى ، أيضاً كما في ديوانه وفي القصيدة التي أرسلها إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله يقول :
وأقبح من كل ابتداع سمعته ***** وأنكاه للقلب المولع للرشد
مذاهب من رام الخلاف لبعضها ***** بعض بأنياب الأساود والأسد
ويعزى إليه كل ما لا يوله ***** لتنقيصه عند التهامي والنجدي
وليس له ذنب سوى أنه غدا ***** به حبذا يوم انفرادي في لحدي
علام جعلتم أيها الناس ديننا ***** لأربعة لا شك في فضلهم عندي
هم علماء الأرض شرقاً ومغرباً ***** ولكن تقليدهم في غد لا يجدي
ولا زعموا حاشاهم أن قولهم ***** دليل فيسهتدي به كل من يهدي
بلى صرحوا أنا نقابل قولهم ***** إذا خالف المنصوص بالقدح والرد

والأمر كما يقول محمد بن إسماعيل الأمير ، فهذه المذاهب أصبحت ضرة لكتاب الله ، ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بل أصبحت فتنة ، وأنت إذا قرأت في < البداية والنهاية > للحافظ ابن كثير ترى العجب العجاب من التخاصم والشجار ، بل المضاربة بين الشافعية والحنابلة ، وبين الحنفية والشافعية إلى غير ذلك من الخصام والجدال ، بل ربما بعض العلماء يضطر أن يرحل عن بلده من أجل ما يحصل له من الأذى ، بل الحافظ الخطيب عند أن تظاهر ببعض الاجتهادات وكان حنبلياً قام عليه الحنابلة فاضطر إلى أن يتحول إلى المذهب الشافعي من أجل أن يحميه الشافعية .

أما الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ؛ فإن الله عز وجل في كتابه الكريم يقول : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام:153] .
ويقول : " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ " ويقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " أي : لا تتبع ما ليس لك به علم .

والتقليد ليس بعلم ، وقد قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتابه < مسائل الجاهلية > قال : إن التقليد أصل من أصول الكفر ، والأمر كما يقول رحمه الله تعالى ، ثم استدل بقوله تعالى حاكياً عن المشركين : " إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ " .
فالواجب على المسلم أن يقتدي بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيئ فاجتنبوه " متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

أما المذهب الزيدي فلنا شريط بعنوان : < المذهب الزيدي مبني على الهيام > ، هذا وينبغي أن يعلم أنهم ليسوا بزيدية كما قال إسماعيل والد محمد بن إسماعيل الأمير :
يدعون أنهم زيدية ***** وهم عن نهجه بمعزل
بل أعظم من ذلك أنه ليس مذهباً مقرراً ، فأنت إذا قرأت في < شرح الأزهار > تجدهم تارة يذهبون على مذهب الشافعي ، وأخرى على مذهب أبي حنيفة ، وأخرى على مذهب مالك ، وأخرى على مذهب الهادي ، وأخى على مذهب زيد بن علي إلى غير ذلك ، حتى أن محمد بن إسماعيل الأمير رحمه الله تعالى كان يضع هذه المشكلة على طلبته فنظم تلميذه إسحاق بن المتوكل نظماً في هذا فقال :
أيها الأعلام من سادتنا ***** ومصابيح دياجي المشكل
خبرونا هل لنا من مذهب ***** يقتفى في القول أو في العمل
أم تركنا هملاً نرعى بلا ***** سائم نفقوه نهج السبل
فإذا قلنا لزيد قيل لا ***** إن يحيى قوله النص الجلي
وإذا قلنا ليحيى قيل لا ***** هاهنا النص لزيد بن علي
فرروا المذهب قولاً خارجاً ***** عن نصوص الآل فابحث وسل
ثم من ناظروا أو جادل أو ***** رام كشفاً لقذى لم ينجلي
قد حوا في دينه واتخذوا ***** عرضه مرمى سهام المنصل
والأمر كما يقول رحمه الله تعالى ، لكنه أوذي فلم يتحمل - أي إسحاق بن المتوكل - وألف كتاباً بعنوان < التفكيك للتشكيك > ، ثم اطلع عليه الشوكاني بعده وألف كتاباً بعنوان < التشكيك على التفكيك > .
فالمتمذهبة في صراع ، وأهل السنة يحبون الأئمة كلهم ، لكن البيئة والتربية والنشأة التي نشأ الشخص فيها هي التي تجعله يرتضي هذا المذهب .
وأمر آخر ، ذكر المعصومي في < هداية السلطان إلى مسلمي اليابان > : السياسة ربما تزيد للناس مذهباً ويتهافت الناس على المذهب من أجل أن تجد لها أنصاراً ، وربما تدخل في ذلك المذهب من أجل أن يتعصب لها أصحاب المذهب ، فالسياسة لها أثر .
فعرفنا أن منشأ المذهبية الجهل والسياسة ، ولا تظنوا أنني عنيت السياسة الشرعية ، فالسياسة الشرعية لا تدعو إلا إلى الكتاب والسنة ، لكن أعني السياسة الشيطانية ، وقد ذكر صالح بن مهدي المقبلي في كتابه < العلم الشامخ في ذم تقليد الآباء والمشايخ > ذكر أنه قل من يتحول من مذهب إلى مذهب ، والغالب على الذي يتحول من مذهب إلى مذهب من أجل حطام الدنيا ، ولقد أحسن من قال : في هذا المعنى وإن لم يذكره صالح المقبلي وهو في < البداية والنهاية > مبيناً أن بعض الناس ربما يتحول من مذهب إلى مذهب من أجل حطام الدنيا يقول :
فمن مبلغ عني الوجية رسالة ***** وإن كان لا تجدي لديه الرسائل
تمذهب للنعمان بعد ابن حنبل ***** وذلك لما أعوزتك المآكل
وما اخترت قول الشافعي ديانة ***** ولكنما تبغي الذي هو حاصل
وبعد قليل أنت لا شك صائر ***** إلى مالك فانظر إلى ما أنت قائل

فأهل السنة المحدثون كالبخاري ومسلم ليسوا ملتزمين بمذهب معين ، وكذا الإمام أحمد ، وإن تمذهب له وتعصب له أتباعه حتى قال قائلهم :
أنـــــا حنبلي ما حييت وإن أمت ***** فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وقبله أبو عبدالله البوشنجي يقول :
ومن شعب الإيمان حب ابن شافعٍ ***** وفرض أكيد حبه لا تطوع
أنا شافعي ما حييت وإن أمت ***** فوصيتي للناس أن يتشفعوا
صراع بين المذاهب ، أما أهل السنة فالحمد لله لا يتعصبون لهذا ولا لهذا ، بل يحبونهم جميعاً ، والأئمة رحمهم الله قد نهوا عن هذا كلهم ، كل واحد منهم نهى عن تقليده ولا يتسع الوقت لذكر أقوالهم رحمهم الله تعالى .

-------------
راجع كتاب : ( قمع المعاند 2 / 470 إلى 474 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف