أسئلة متفرقة في المصطلح

السؤال 210@ ما سبب اختلاف العلماء في زيادة الثقة؟ وما الراجح في ذلك؟

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبعد:

فسبب اختلاف العلماء، اختلاف تصرف جهابذتهم الكبار، فليس لهم قانون متبع في زيادة الثقة، فرب زيادة ثقة يقبلونها، ويردون مماثلة لها في ذلك السند نفسه، أو ما يماثل ذلك السند نفسه.

والسبب في هذا أن العلماء المتقدمين حفاظ، يحفظون رواية الشيخ، ورواية طلبته، ورواية شيخه، ولا أقصد الرواية الواحدة، بل يحفظون كم روى الشيخ، وكم روى التلميذ، وكم روى تلميذ التلميذ، فإذا زاد واحد منهم زيادة وهم يعلمون أنها ليست من حديث ذلك الشيخ حكموا عليها بأنها غير مقبولة، وإذا تفرد واحد منهم بزيادة وهم قد عرفوا أنها من رواية ذلك الشيخ فإنهم يقبلونها، أما إذا اختلف حفاظ الحديث في شأن زيادة الثقة أتقبل أم لا؟ فإنا نرجع إلى الترجيح، وهو أن تقارن بين الرواة، ثم تجعل المرجوح شاذا، والراجح محفوظا، وتأخذ بالمحفوظ، وهكذا إذا وجدت زيادة ثقة ولم تجد للعلماء المتقدمين فيها كلاما لا تصحيحا ولا تضعيفا ترجع إلى تعريف الإمام الشافعي في الشاذ، أن الشاذ: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، وتقارن بين الصفات وبين العدد، فرب شخص يعدل خمسة، فلا تقارن بين العدد فقط.

مثل يحيى بن سعيد القطان، أو سفيان بن سعيد الثوري لو خالفه اثنان أو ثلاثة ممكن أن تجعل الحديث مرويا على الوجهين، وقد قال الدارقطني في «التتبع» بعد أن ذكر جماعة خالفوا يحيى بن سعيد القطان يرويه عن عبيدالله عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة.

وجماعة يروونه عن عبيدالله عن سعيد عن أبي هريرة.

فيحيى بن سعيد تفرد بزيادة عن أبيه. ثم بعد أن ذكر الدارقطني الجمع الكثير الذين يخالفون يحيى بن سعيد قال: ولعل الحديث روي على الوجهين، فقد هاب الدارقطني أن يقول: إن يحيى بن سعيد شاذ.

إذا تساوت الصفتان يحمل على أن الحديث روي على الوجهين وأنصح أن يرجع إلى ما ذكره الحافظ ابن رجب في شرحه «علل الحديث للترمذي» و«توضيح الأفكار» للصنعاني وما كتبته في «الإلزامات والتتبع».

السؤال 211@ ما الفرق بين الشهادة والرواية؟

الجواب: سيأتي بعض ذلك في كلام الخطيب -رحمه الله- ص (189)، وقد ذكر الإمام الشافعي -رحمه الله- ص (161) إلى (172) ومن جملة ما ذكره: أن الرواية قد يتحرى فيها ما لا يتحرى في الشهادة، بألا يقبل إلا من ثقة حافظ عالم بما يحيل المعنى. ? المراد منه.

وقد أتى السيوطي -رحمه الله- بخلاصة ما يجتمعان فيه، وما يختلفان، فقال -رحمه الله تعالى- في «التدريب» ص(222): فائدة ثم ذكرها. وبعضها عليه دليل، وبعضها لا دليل عليه. ومن أجل هذا لم أنقلها.

فأنصح الأخ السائل بمراجعة كتب المحدثين، فإن فيها ما يحتاج إليه الباحث، وإذا ثبتت سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استسلم لها واتهم نفسه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

السؤال 212@ إذا قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، هل يكون الرجال هم الذين في البخاري ومسلم؟ أم ليسوا في البخاري ومسلم؟

الجواب: هذا هو الذي ينبغي أن يفهم منه، أن قوله: على شرط الشيخين، معناه: أن رجاله رجال الشيخين. وقد يهم الحاكم، ويكون في السند من ليس من رجال الشيخين، أو هو من رجال أحدهما، وقد يهم ويكون في السند من هو كذاب أو وضاع.

وربما يتساهل الحاكم ويقول في حديث من طريق محمد بن إسحاق: صحيح على شرط مسلم، ومن طريق سماك عن عكرمة صحيح على شرط مسلم، مع أن رواية سماك عن عكرمة مضطربة ويأتي بأناس روى لهم البخاري في المتابعات ويقول: صحيح على شرط البخاري، أو روى لهم مسلم في الشواهد والمتابعات، ويقول: صحيح على شرط مسلم، على أن البخاري ومسلم ربما ينتقيان لبعض المشايخ، فمثل هشيم عن الزهري لا يقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، مع أن البخاري ومسلما قد رويا لهشيم، ورويا للزهري، لكن لم يرويا بهذه السلسلة، ولعلهما رويا قدر أربعة أحاديث، يقولون: الذي حفظه هشيم عن الزهري قدر أربعة أحاديث.

من أجل هذا فنحن ننصح الإخوة في شأن «مستدرك الحاكم» أن ينظروا السند، وأن يبحثوا عنه رجلا رجلا، وما أحوجه إلى من يحققه ويخرج أحاديثه، فإنه لا يزال محتاجا إلى خدمة.

أما أنا فالذي أعمله هو تتبع مثل هذا الذي تقدم، فربما يقول: صحيح على شرط الشيخين، ويكون قد أخرجه أحدهما، أو يقول: صحيح على شرط البخاري، وفي السند من ليس من رجال البخاري، أو صحيح على شرط مسلم، وفي السند من ليس من رجال مسلم، أو صحيح الإسناد، ويكون من طريق دراج عن أبي الهيثم، ودراج منهم من يضعف حديثه مطلقا، ومنهم من يضعفه في أبي الهيثم، وربما يكون في السند من هو كذاب فأنا أتتبع هذا، والله المستعان.

ولكن ينبغي أن يعلم أنني الآن قد كتبت نحو ألفين وما أراها شيئا بالنسبة إلى ما بقي فيه. فهو محتاج إلى جهود وعناية، يسر الله ذلك إنه على كل شيء قدير.(1)

وسأذكر إن شاء الله في مقدمة «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» جملة من أوهام الحاكم -رحمه الله- الفاحشة، وإنكار الذهبي عليه، يسر الله ذلك إنه على كل شيء قدير. ?

هذا، ومما ينبغي أن يعلم أن سكوت الحافظ الذهبي على بعض الأحاديث التى يصححها الحاكم وهي ضعيفة لا يعد تقريرا للحاكم، بل الذي ينبغي أن يقول الكاتب: صححه الحاكم، وسكت عليه الذهبي. لأمور، منها: أن الذهبي -رحمه الله- لم يذكر في مقدمة تلخيصه (ما سكت عليه فأنا مقر للحاكم).

ومنها: أنه ذكر في «سير أعلام النبلاء» في ترجمة الحاكم أن كتابه التلخيص محتاج إلى نظر.

ومنها: أن الحاكم قد يقول: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، أو صحيح على شرط أحدهما، أو صحيح ولم يخرجاه، ويكون في سنده من قال الذهبي في «الميزان»: إنه كذاب أو ضعيف وربما يذكر الحديث في ترجمته من «الميزان».

فعلى هذا فلا تقل: (صححه الحاكم وأقره الذهبي)، بل تقول: (صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي)، على أني وقعت في كثير من هذا قبل أن أتنبه لهذا، والحمد لله، ونسأله المزيد من فضله، إنه على كل شيء قدير.

السؤال 213@ هل يعمل بالحديث الضعيف؟

الجواب: الحديث الضعيف لسنا متعبدين به على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم(2) فنحن نأخذ ديننا بتثبت. والعلماء الذين فصلوا بين الحديث الضعيف في فضائل الأعمال وبينه في الأحكام والعقائد، يقول الإمام الشوكاني -رحمه الله تعالى- في كتابه «الفوائد المجموعة»: إنه شرع، ومن ادعى التفصيل فعليه البرهان. والأمر كما يقول الشوكاني -رحمه الله تعالى- والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين».

فالحديث الضعيف لا يحتاج إليه، وفي كتاب الله وفي الصحيح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما يغني عن الضعيف. ثم إن هؤلاء الذين يقولون: يعمل به -خصوصا من العصريين- تجده لا يعرف الحديث الضعيف، ولا يدرى لماذا ضعف؟ أضعف لأن في سنده سيء الحفظ؟ أم لأن في سنده كذابا؟ أم لأن في سنده صدوقا يخطئ كثيرا... إلخ؟ فتجده يأخذ الأحاديث الضعيفة ويقول: يعمل به في فضائل الأعمال، والذين أجازوا العمل بالضعيف اشترطوا شروطا:

لا بد أن يكون مندرجا تحت أصل، كأن يأتي حديث في فضل ركعتي الضحى ويكون ضعيفا، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها وقد ورد القرآن بالترغيب في الصلاة من حيث هي. وأيضا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك»؟ قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».

ألا يشتد ضعفه، أي: لا يكون في سنده من قيل فيه: ضعيف جدا، أو قيل فيه: إنه كذاب، أو قيل فيه: إنه متروك، وهذا الشرط لا يعرفه إلا المحدثون.

أن يعمل به في خاصة نفسه.

السؤال 214@ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد: فقد وصل إلي سؤال يتضمن طلب الإفادة في قبول المحدثين رواية المرأة، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى(3)

الجواب: والله الموفق للخير والصواب: إن هذه المسألة بحمد الله قد بين أهل المصطلح رحمهم الله شأنها، فقال الخطيب -رحمه الله- في «الكفاية» ص (58): باب ذكر ما يستوي فيه المحدث والشاهد، ثم ساق بسنده إلى أبي الطيب -رحمه الله- أنه لا خلاف في قبول خبر من توفرت فيه صفات الشاهد في الحقوق: من الإسلام، والبلوغ، والعقل، والضبط، والصدق، والأمانة، والعدالة، إلى ما شاكل ذلك.

ولا خلاف أيضا في وجوب اتفاق المخبر والشاهد في العقل، والتيقظ، والذكر.

فأما ما يفترقان فيه: فوجوب كون الشاهد حرا، وغير والد، ولا مولود، ولا قريب قرابة تؤدي إلى ظنة، وغير صديق ملاطف، وكونه رجلا إذا كان في بعض الشهادات، وأن يكونا اثنين في بعض الشهادات، وأربعة في بعضها، وكل ذلك غير معتبر في المخبر لأننا نقبل خبر العبد، والمرأة، والصديق، وغيره ثم ذكر حديث: «لا تكتبوا العلم إلا عمن تجوز شهادته» ثم ذكر أنه لا يثبت، لأنه من طريق صالح بن حسان، وقد ترك نقاد الحديث الاحتجاج به.

? ويمكن أن يستدل بما جاء عن عمر، أنه قال في حديث فاطمة بنت قيس الذي فيه: أن زوجها طلقها طلاقا بائنا وأن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لها: «ليس لك نفقة ولا سكنى» فقال عمر: لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة لعلها نسيت. ويجاب عنه بأنها لم تنس، بل عمر -رضي الله عنه- لم تبلغه هذه السنة.

ثم قال الخطيب -رحمه الله- ص (162): باب ما جاء في كون المعدل امرأة أو عبدا أو صبيا. وذكر سؤال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بريرة عن عائشة: «هل علمت على عائشة شيئا يريبك، أو رأيت شيئا تكرهينه»؟ قالت: أحمي سمعي وبصري.. عائشة أطيب من طيب الذهب.

? هكذا هذه الرواية. وفي «الصحيح»: ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه، غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله. ? المراد من «الكفاية».

وهناك أدلة تدل على قبول رواية المرأة التي توفرت فيها شروط القبول من إسلام، وبلوغ، وعدالة، وضبط، كما تقدم في شروط الرجال، منها:

قوله تعالى: ﴿ياأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا(4) مفهوم الآية: أنه إذا جاءنا العدل نأخذ به. والعدل يشمل الذكر والأنثى، إذ الأصل عموم التشريع.

يدل على ذلك تصديق موسى، إذ قالت له ابنة الرجل الصالح: ﴿إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا(5).

وتصديق الرجل الصالح، لابنته حيث قالت: ﴿ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين(6).

قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعائشة: «مري أبا بكر فليصل للناس»، ولو كان خبرها غير كاف لأرسل معها من يعززها.

إقراره -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عائشة، إذ تعلم المرأة كيف تزيل أثر الحيض. والحديثان في «الصحيح».

ما رواه أبوداود (ج4 ص215) والإمام أحمد (ج6 ص37) عن الشفاء -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأنا عند حفصة فقال لي: «ألا تعلمين هذه رقية النملة(7)، كما علمتيها الكتابة»؟ سنده حسن.

وأخرجه أحمد (ج6 ص286) من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنها-. وسنده صحيح.

في «صحيح مسلم» (ج2 ص779)، أن عمر بن أبي سلمة سأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن القبلة للصائم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «سل هذه» لأم سلمة فأخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفعل ذلك. الحديث.

قال البخاري -رحمه الله تعالى- (ج13 ص243): باب خبر المرأة. حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن توبة العنبري قال: قال لي الشعبي: أرأيت حديث الحسن عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقاعدت ابن عمر قريبا من سنتين، أو سنة ونصف، فلم أسمعه يحدث عن -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غير هذا، قال: كان ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيهم سعد، فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إنه لحم ضب، فأمسكوا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «كلوا، أو اطعموا، فإنه حلال -أو قال: - لا بأس به -شك فيه- ولكنه ليس من طعامي».

حديث عقبة بن الحارث: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالمدينة فسأله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «كيف وقد قيل»، ففارقها عقبة.

سواء أكان هذا من قبيل الشهادة، أم من قبيل الإخبار، إذ قد قبل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خبرها، وأمره بفراق امرأته.

ففي هذه الأدلة دليل على قبول خبر المرأة، ويجب أن تكون من وراء حجاب لحديث: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان» رواه الترمذي من حديث ابن مسعود.

ولا يجوز لها أن ترقق صوتها لقوله تعالى: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض(8).

وليس هذا من تقديم قول أئمة الجرح والتعديل -رحمهم الله- على كتاب الله، فإنهم لا يذكرون اصطلاحاتهم في الغالب إلا بأدلة، كما في كتاب العلم من «صحيح البخاري»، ومقدمة «الضعفاء والمجروحين» لابن حبان، وأوائل كتاب «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، «وإحكام الأحكام» لأبي محمد بن حزم -رحمهم الله-.

السؤال 215@ ماذا تعرفون عن هذا الحديث: «لعن الله امرأة رفعت صوتها ولو بذكر الله»؟

الجواب: الحديث لا يثبت، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وقلن قولا معروفا ويقول في كتابه الكريم: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فلو قالت المرأة بصوت خشن: سبحان الله، الله أكبر، وذكرت الله سبحانه وتعالى فلا شيء في هذا إن شاء الله.

السؤال 216@ عندي كتاب «بلوغ المرام» ومعتمد عليه، فهل هو قوي أم ضعيف؟

الجواب: نعم الكتاب، «بلوغ المرام» من أحسن الكتب للحافظ ابن حجر - -رحمه الله تعالى- - فقد حكم على غالب أسانيده بالصحة، أو الضعف أو الحسن أو النكارة، فهو كتاب قيم، وليس معنى هذا أنه لا يوجد فيه حديث ضعيف، لكن إذا عملت به فأنت إن شاء الله على خير. وقد اهتم العلماء بالكتاب فقام بشرحه غير واحد ومن أحسنها «سبل السلام».

السؤال 217@ أخبرونا عن صحة هذه الأحاديث: (1) «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان». (2) «من كنت مولاه فعلي مولاه»

الجواب: أما «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان» فرواه الترمذي والحاكم. روياه من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ودراج ضعيف، هذا الحديث صححه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، فتعقبه الذهبي فقال: فيه دراج وهو ذو مناكير، هذا في (كتاب الصلاة)، ثم ذكره الحاكم في (التفسير) في سورة التوبة، وقال: صحيح الإسناد، وسكت الذهبي على هذا، فلا أدري هل اعتمد على ما تقدم أم سها، فدراج لا يعتمد عليه خصوصا في روايته عن أبي الهيثم.

الحديث الثاني: «من كنت مولاه فعلي مولاه» حديث صحيح، رواه الترمذي وغيره وقد ساق الشيخ ناصر الدين الألباني -حفطه الله تعالى- طرقه المتكاثرة فى «السلسلة الصحيحة» ولكن فهمته الشيعة فهما باطلا، فهموا أن عليا أحق بالخلافة، ونشأ عن هذا تخطئة أبي بكر وعمر وتخطئة الصحابة كلهم.

والإمام الشافعي والإمام الطحاوي وغيرهما يقولون فى هذا الحديث: إنه ولاء الإسلام، بمعنى قول الله عز وجل: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض(9) هكذا يقول الإمام الشافعي، والإمام الطحاوي وغيرهما، أما صاحب «نصب الراية» وهكذا فيما يظهر شيخ الإسلام ابن تيمية فإنهما حكما على الحديث بالضعف ولا مجال لتضعيفه فهو مروي من طرق كثيرة متكاثرة لا يستطاع أن يحكم عليه بالضعف. والله المستعان.

السؤال 218@ نرجو أن ترشدونا إلى كتاب فيه أحاديث صحيحة وإلى كتاب فيه معرفة الأحاديث الضعيفة؟

الجواب: سؤال حسن. كنت أحب أن أعرف المستوى العلمي للسائل، ولكن إذا كان مبتدئا فأنصحه «برياض الصالحين»، وإن كان قد ارتفع قليلا كذلك مع «رياض الصالحين»: «اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان» فإن كان قد ارتفع قليلا فننصحه باقتناء «صحيح البخاري» و«صحيح مسلم» و«تفسير ابن كثير»، ومن الكتب القيمة التى لا يستغني عنها مسلم، كتاب: «فتح المجيد شرح كتاب التوحيد» كتاب «التوحيد» للشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله تعالى- و«فتح المجيد» لأحد أحفاده.

أنت تأخذ الحق ممن جاءك، النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أقر الشيطان على كلمة الحق، لما قال الشيطان لأبي هريرة: «إنك إذا قرأت آية الكرسي عند نومك لا يقربك شيطان» قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لقد صدقك وهو كذوب» وفى «سنن النسائي» بسند صحيح عن قتيلة امرأة من جهينة أن يهوديا أتى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: إنكم تنددون، وإنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئت.

فالمسلم يقبل الحق ممن جاء به. والشيخ محمد بن عبدالوهاب هو عالم من علماء المسلمين يصيب ويخطئ.

الدين ليس فيه محاباة، الآن تحكمت الأهواء في الدين وأصبح اليمني لا يثق إلا باليمني. والنجدي لا يثق إلا بالنجدي، والمصري لا يثق إلا بالمصري. بخلاف ما عليه علماؤنا المتقدمون، فقد رحل العلماء إلى عبدالرزاق الصنعاني من بغداد، ومن نيسابور، ومن مصر، ومن مكة، ومن جميع البلاد الإسلامية، حتى قيل: إنه لم يرحل إلى عالم أكثر مما رحل إلى عبدالرزاق الصنعاني.

وهكذا تجدون اليماني يثني على العالم البغدادي، والمصري يثني على العالم المصري، والنيسابوري يثني على العالم الشامي، والكوفي يثني على البصري، والبصري يثني على الحجازي وعلى اليماني. الآن أصبح الهوى يتحكم والدعايات الملعونة من شيوعيين، وبعثيين، ومرتزقة، يرتزقون من الحروز والعزائم، نعم، كنا قبل خدما لهم فساءهم هذا، حتى نساؤنا كن يطلعن بالحطب إلى باب المركز في عهد أولئك الذين تعرفون، وذاك بالرشوة، وذاك بالدجل والشعوذة، فلما جاء الدعاة إلى الله يبينون الحق قامت قيامتهم، وصاروا تارة يقولون: ذاك وهابي، وذاك عميل للسعودية، وذاك عميل، ربما قالوا لأمريكا، شنقوا السيد قطب -رحمه الله تعالى- وقالوا: إنه عميل لأمريكا!!

كان هناك شاب يعلم الله بحاله، أستطيع أن أقسم لكم إنه كان لا يملك ألف ريال ذهب للدعوة إلى الله وسكن في ماوية(10) في هذا الزمن فوصل إليهم ودعاهم إلى الحق، فقامت قيامة بعض المتأكلة سواء أكانوا من مشايخ القبائل أم من غيرهم، قالوا: هذا شيوعي، وبقي ما شاء الله واتضح وعرف من هو عميل الشيوعية ومن هو الداعي إلى الله، وفى نهاية أمره قتله الشيوعيون لا جزاهم الله خيرا.

أقصد إخواني في الله أنهم يريدون أن يحرموكم الخير، ويريدون أن يجعلوا بينكم وبين علمائكم فاصلا، أستطيع أن أقول: إن أعداء الإسلام يخافون من العلماء أعظم مما يخافون من طائراتنا ومن صواريخنا، لأن عندهم أكبر منها وأكثر، لكنهم يخافون من العلماء، وما أكثر ما يدخلون البلدة ويبدؤون بقتل العلماء، كما حصل هذا في جنوب اليمن قبل الوحدة.

ونحن نقولها لكم، مشفقين عليكم ونحب لكم الخير، ونريد لكم العزة والكرامة ولوطنكم الأمن، وإلا فالحمد لله أرض الله واسعة، لا تظنوا أنني مستريح باليمن، أنا أؤلف الكتاب ثم بعد ذلك يعرض للضياع، يبقى ثلاث أو أربع سنوات ولم يطبع، وربما بعد الطبع يخرج بطبعة رديئة، وعند أن نزلت في مصر، والله لو أستطيع أن أؤلف فى اليوم كتابا أو أحقق في اليوم كتابا لنشر، فلا تظنوا أننا ههنا في وطننا وفي بلدنا مستريحون، نحن نعتبر أنفسنا غرباء، ولكننا نرى هذه الوجوه المباركة الكريمة، وإقبالها على الخير فهذا هو الذي يصبرنا بين أظهركم وإلا فأرض الله واسعة والله المستعان.

السؤال 219@ ماحال ابن لهيعة؟

الجواب: عبدالله بن لهيعة، من أهل العلم من يرده، ومنهم من يقبله كـ(أحمد شاكر? ومنهم من يفصل يقول: إذا روى عنه العبادلة:

عبدالله بن يزيد المقرئ.

وعبدالله بن وهب.

عبدالله بن المبارك.

وأضاف بعضهم عبدالله بن مسلمة وليس بصحيح لأنه صغير، والصحيح أنه يضعف ابن لهيعة مطلقا.

وقد رأيت بحثا قيما في كتاب «الأذان» لأخينا في الله أسامة القوصي، يقول فيه: الصحيح أن ابن لهيعة مضعف سواء روى عنه العبادلة أم غيرهم، وأنه إذا روى عنه العبادلة أحسن حالا مما إذا روى عنه غير العبادلة، وإلا فالصحيح أنه مضعف، وأنصح بقراءة ما كتبه أخونا أسامة في كتاب «الأذان».

ويا سبحان الله كيف يتلقى الناس العبارات ولا يبحثون، أنا من فضل الله ما أعلم حديثا واحدا قد قبلته لابن لهيعة، ولو روى عنه العبادلة، أقصد من هذا أنني من أول الأمر والحمد لله لا أقبل حديثه. وهو يصلح في الشواهد والمتابعات والله المستعان.

السؤال 220@ الحديث الذي يأتي من طريقين بصحابي واحد أقوى؟ أم الحديث الذي يأتي من طريقين وصحابيين، مع ذكر اسم كل منهما؟

الجواب: الذي يظهر، أن الذي يأتي عن صحابيين أقوى من الذي يأتي عن صحابي.

_______________________

(1) ? وقد طبع والحمد لله.

(2) ? سورة الإسراء، الآية: 36.

(3) ? سورة البقرة، الآية: 282.

(4) ? سورة الحجرات، الآية: 6.

(5) ? سورة القصص، الآية: 25.

(6) ? سورة القصص، الآية: 26.

(7) ? النملة: قروح تخرج في الجنبين. ويقال: إنها تخرج أيضا في غير الجنب، ترقى فتذهب بإذن الله.

(8) ? سورة الأحزاب، الآية: 32.

(9) ? سورة التوبة، الآية: 71.

(10) ? قرية من قرى محافظة تعز.


المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
  • عنوان الكتاب: المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 159600
  • التحميلات: 16436
  • تفاصيل : الطبعة الثانية دار الآثار-صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس