ما قولكم فيمن يطعن في الشيخ ابن باز بما افتاه من جواز الاستعانة بالكفار ؟

الزيارات:
36328 زائراً .
تاريخ إضافته:
12 ذو القعدة 1435هـ
نص السؤال:
ما قولكم في من يطعن في الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى بما أفتاه في (أزمة الخليج) من جواز الاستعانة بالكفار ، بأنها فتوى لمصلحة ، وأنه عميل للحكومة ، فهل يستحق هذا؟
نص الإجابة:
فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى وكذلك فتوى إخوانه من العلماء هي الحق ، على أننا احتطنا في شيء وسنقوله فيما بعد ، فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".

وفي < سنن أبي داود > من حديث ذي مخبر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إنكم ستصالحون الروم وتقاتلون أنتم وهم عدوًّا من ورائكم ، ثم يغدرون ويرفعون الصليب" ، والأدلة متكاثرة.

ولو لم تأت من قِبل أمريكا المساعدات لاستولى صدام البعثي على الحرمين وأصبح يورد بعثيته من الحرمين ، وأنا أقول: إنها لا تستطيع حكومة أن تقوم بخدمة الحجيج كما تقوم الحكومة السعودية بخدمة الحجيج ، فالحق لا بد أن يقال.

أما أهل السنة بحمد الله فهم يقولون : لا ينبغي أن يقاتل تحت راية صدام البعثي فهو القائل : نأخذ بالكتاب والسنة وبتعاليم الإسلام ما لم تتصادم مع مبادئ حزب البعث ؛ فإذا تصادمت أخذنا بمبادئ حزب البعث . فهذا يعتبر كفراً.

ولا ينبغي أن يقاتل تحت راية بوش ، فهذا هو الذي قلناه، ولكن إن استطاع أهل السنة أن يقاتلوا صداما وبوشاً فعلوا، ولا يقاتلوا المسلمين بالعراق ، ولا يقاتلوا المسلمين بأرض الحرمين ، ولماذا لا توجهون الانتقادات إلى المعتدي الذي اعتدى على الكويت ، والذي حشد قواته على حدود السعودية ؟ .

فالمسألة مسألة ثورات وانقلابات ، وأدمغة الإخوان المسلمين محتاجة إلى غسيل بماء الكتاب والسنة يقولون: ثورة ، ثورة ، نفديك يا صدام بالروح بالدم، فهم لا يستحيون ، وأول من قام بهذا الإخوان المفلسون بالأردن ، والآن مضيق عليهم ضيق الله على من ضيق عليهم ، فهم خير منهم ، وهم مدبرون من أول الأمر ومن بعد ، ويعجبني بيت من الشعر يصدق على الإخوان المفلسين في أنهم يكونون آلة, وكما قال الترابي عند أن كان في كلية الشريعة في صنعاء عندما سئل: أأنت من الإخوان المسلمين؟ قال: لا ، اتخذناهم سلماً نرتقي عليه ثم تركناهم ، يقول البيت :

على كتفيه يبلغ المجد غيره ***** فهل هو للتسلق إلا سلم

فما هم إلا سلم يتمسح به الحاكم لمدة من الزمن ، ثم بعد ذلك يفتك بهم أو ينصب لهم العداء، فعليهم أن يعلقوا قلوبهم بالله عز وجل وأن يتمسكوا بالكتاب والسنة ، حتى إذا أوذوا يكونوا على خير ، وإذا مكنوا يكونوا على خير ، وما أراهم يمكنون وهم على هذه الحالة؛ لأن رب العزة يقول في كتابه الكريم: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور: 55].

أما اتهامهم للشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى بأنه عميل للحكومة وسمعت من يقول: أنه عالم حكومة ، فهذه الكلمة لا تصدر إلا عن حزبي سواء أكان من الحزبيين الظاهرين ، كالإخوان المفلسين أو من أصحاب الحزبية المغلفة كأصحاب جمعية الحكمة ، وجمعية الإحسان ، وجمعية الإصلاح ، وبعض أصحاب جمعية إحياء التراث ، وهكذا السرورية .

وأنا أريد منك أن تفحص هذا الرجل صاحب الاتهام تجده أحد رجلين : إما أن يكون من الحزبيين ، وإما أن يكون من الجاهلين فتجده جويهل أحيمق ، ونسيت قسماً ثالثاً وهم المبتدعة من شيعة وصوفية .

والشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى عالم من علماء المسلمين يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم ، وينسى ، وربما يجبن في بعض الأوقات شأن العلماء لكن أمثاله قليل ، وإذا حصل منه بعض الفتاوى فهو حفظه الله تعالى رجل مجرِّب بلغ من العمر زيادة على سبعين سنة فقد جرب الأمور ، وأن الخروج على السلاطين لا يأتي إلا بما هو شر .

وأصحاب الثورات والانقلابات ، ماذا حصل للإسلام منهم ، وانظروا إلى عقيدة السلف ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول: " إنها ستكون فتن وأمور تنكرونها " ، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " أدوا الحق الذي عليكم ، وسلو الله الحق الذي لكم " متفق عليه من حديث ابن مسعود.

وفي <الصحيحين> عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : "إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي وسيأتي خلفاء فيكثرون" ، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: " فوا ببيعة الأول فالأول" قالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: "لا ، ما صلوا".

وفي <صحيح مسلم> أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال: " من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائناً من كان".

فهذه الأدلة وغيرها من الأدلة المتكاثرة تحتم علينا أن نصبر.

فرق بين قول نسمع ونطيع ، وبين أن نصبر ، ففي <الصحيحين> عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر والمكره والمنشط ، وعلى ألا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
وكثيرا ما قلت لإخواني: إن رسائل الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى تشبه رسائل الأوزاعي ، فقد ذكر جملة من رسائل الأوزاعي ، في مقدمة كتاب <الجرح والتعديل> في نصحه للحكام وفي شفاعة الأوزاعي.

وهكذا الشيخ عبد العزيز حفظه الله تعالى يكتب للأمير ، ويكتب للقاضي ، ويكتب لمدير الجوازات ، ويكتب للمسئولين في الشفاعات فجزاه الله خيراً.

واعلموا يا أهل السنة أنهم لا يطعنون في الشيخ عبد العزيز بن باز إلا لأنه سني وكلمته مقبولة وليس لهم عالم مثله.

وهم شغلو بالحزبيات ، وإلا فقد درسنا نحن وأناس في الجامعة وتخرجوا في غاية من الذكاء ثم مسختهم الحزبية ، فليس للحزبيين عالم مثل الشيخ ابن باز ، من أجل هذا فهم يريدون أن يطعنوا في السنة أكثر من إرادتهم الطعن في الشيخ ابن باز.
وكما قلنا: فالشيخ ابن باز يصيب ويخطئ ، ففي مسألة الانتخابات رددت عليه في بعض الأشرطة ، وأعرف قدره وفضله ، وأن خطأه لا ينقص من فضيلته ومن شرفه ومن مكانته العالية ، ولسنا نقلد الشيخ ابن باز أو الشيخ الألباني فلو كنا مقلديهما لقلدنا أحمد بن حنبل ولقلدنا أبا بكر الصديق ، ولكننا نرى التقليد حراماً.

فأقول: مهلاً مهلاً أيها المفتري والآكل لحوم العلماء ، ونحن إذا تكلمنا على الديمقراطيين قالوا: هذا يسب العلماء، وهم يسبون العلماء الأفضل.

فالشيخ عبد العزيز بن باز من أشد الناس إنكاراً للمنكرات ، لكنه يعرف أن التغيير باليد يؤدي إلى فتن ، وهو يعرف أيضاً أن الخروج على الدولة يؤدي إلى فتن.

مسألة الثورات والانقلابات ما حصلت من أسلافنا مثل أحمد بن حنبل ، فقد اجتمع عنده أهل الحديث في فتنة القول بخلق القرآن وقالوا: الآن قد حل لنا أن نخرج؟ فقال: انصرفوا عني ، اتقوا الله ولا تقولوا هذا الكلام.

فيا طلبة العلم تمهلوا وسلوا علماءكم مثل الشيخ ابن باز والشيخ الألباني.

وكما قلت سابقاً: فأنا أريد منك أن تفحص المتكلم في العلماء تجده بين رجلين: إما حزبي أو جويهل أحيمق ، وتقدم أيضاً المبتدع.

وأنا أتحداكم أن تأتوا برجل سني ينتقص الشيخ عبد العزيز بن باز.

فهل الشيخ ربيع بن هادي ينتقص الشيخ ابن باز؟ وهل الشيخ عبد المحسن بن عباد ينتقص الشيخ ابن باز؟ وهل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ينتقص الشيخ ابن باز؟
وعندنا في اليمن: هل سمعتم الشيخ محمد بن عبد الوهاب والصابي ينتقص الشيخ ابن باز؟ وهل سمعتم من أبي الحسن المصري ينتقص الشيخ ابن باز؟ أسمعتم من كثير من إخوان آخرين من أحد منهم ينتقص الشيخ ابن باز؟ فما ينتقصه أهل السنة ، وهم أغير على دين الله من الحزبيين.

وانظروا إلى الحزبيين يقولون: مرحباً بالمناقشة على بساط الديمقراطية ، وإحترام الرأي والرأي الآخر ، واليمين الدستورية على أن يحترم الدستور والقانون ، والدستور عند سلفية أصحاب الكويت ، وأنا أقول: ينبغي أن يسموها: "السلفطية"، لماذا؟ لأننا لا بد أن نأخذ جزءا من كلمة الديمقراطية، وهم يؤمنون بأسماء الله وصفاته على ما جاءت لكن أدخلوا فيها الانتخابات ومجلس النواب ، فسلفيتهم نسميها: "السلفطية". وهكذا أنصار السنة بالسودان ، لكنهم يتملقون للشيخ من أجل الدرهم والدينار ، وإلا فقد دخلوا في الانتخابات ، وأخرجوا إخوانهم الذين ينكرون عليهم الدخول في الجامعات التي فيها تبرج وسفور.

فلماذا نرحب باحترام الرأي والرأي الآخر, والشيخ ابن باز يخطئ خطأ لا يكاد يذكر فيقيمون الدنيا ويقعدونها, وهو بشر ولا ندعوكم إلى تقليده, بل ندعوكم إلى اعتباره عالماً سنياً من علماء المسلمين يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم.

---------------------
راجع كتاب : ( فضائح ونصائح ص 26 إلى 33 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف