حال زيادة : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك
الزيارات:
15895 زائراً .
تاريخ إضافته:
17 صفر 1433هـ
نص السؤال:
يقول الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي ، وسيكون فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس " ، قال حذيفة : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركني ذلك ؟ قال : " تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " رواه مسلم عن حذيفة رضي الله عنه .
فظاهر هؤلاء الرجال الكفر لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " قلوبهم قلوب الشياطين " فهل هذا يدل على طاعة الأمراء وإن كفروا في حالة عدم القدرة على خلعهم ؟
الحديث من طريق أبي سلام منطور الحبشي عن حذيفة وهو لم يسمع من حذيفة ، والحديث من الأحاديث التي انتقدها الدارقطني ، وحديث حذيفة المتفق عليه معروف في ( الصحيحين ) وليس فيه هذا اللفظ ، ووردت طريقان في ( سنن أبي داود ) ، و ( صحيح أبي عوانة ) والظاهر أنها لا ترتقي بالحديث إلى الحسن والحجية والله أعلم .
أما بقية السؤال : فلا تجب طاعة الرئيس الكافر لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : " وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " [ البقرة : 124 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ " [ النساء : 59 ] ، وشاهدنا قوله : " منكم " .
ويقول : " وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * االَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ " [ الشعراء : 151و152 ] .
فلا تجب ، لكن إذا كانت لا تجب فليس معناه أننا نخرج عليهم ونواجههم بالسلاح ، وليس لنا قدرة لكن من باب المداراة ، واجتناب شرهم شيئ وطاعتهم شيئ آخر ، ثم المدارة ليست بالمداهنة لأن المداهنة في الإغضاء عن المنكر لئلا يغضب فاعله ، أما المداراة فالمداراة بكلمة طيبة أو بشيء من المال إلى غير ذلك مما يصلح أو تطيب به نفس الخصم حتى يمكن المسلمون .
بقي حديث عبادة ، ففي < الصحيحين > عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر ، والمكره والمنشط ، وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ، شاهدنا من هذا : إلا أن تروا كفراً بواحاً .
فنحن إذا رأينا كفراً بواحاً ، فإن وجدنا عندنا قدرة على المواجهة والإعداد ولن نكون عالة على امريكا ، وأعددنا الرجال الذين يصبرون في السراء والضراء ، أما شعب لو قطع عنه السكر أو القمح أو البر أو الغاز لقالوا : لا جزى الله هؤلاء المطاوعة خيراً ، أحرمونا هذه الأشياء ، وانقلبوا على الدعاة إلى الله .
فمثل هؤلاء ليسوا أهلاً أن يعتد بهم ، فلا بد من إعداد رجال ، ولا أقول كالصحابة لكن قريبين من الصحابة ، ويصبرون على البأساء والضراء ، وعلى الجوع والمرض ، وعلى الخوف ، وعلى فراق الأوطان ، كما حصل للصحابة رضوان الله عليهم ، وقد ذكرنا شيئاً من هذا في آخر كتاب < الإلحاد الخميني في أرض الحرمين > ، في بيان صبر الصحابة رضوان الله عليهم على الشدائد ، حتى إن سعد بن أبي وقاص يقول وهم محاصرون في الشعب يقول : لقد أصاب الجوع حتى إنه في ذات ليلة وقعت يده على شيء رطب فأكله وأنه لا يدري ما هو إلى ذلك الوقت الذي يحدث فيه .
فلا بد من إعداد رجال قبل إعداد السلاح ، وإلا فإعداد السلاح ربما تُقتل به إذا لم تعد رجالاً يصبرون على هذا .
------------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 1 / 424 إلى 426 )