صبرهم على الفقر والجوع والعري

قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج6 ص348): حدثنا سريج بن النعمان. قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يا معشر النساء من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ترفع رأسها، حتى يرفع الإمام رأسه» من ضيق ثياب الرجال.

هذا حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.

قال الإمام البخاري -رحمه الله- (ج2 ص298): حدثنا محمد بن كثير. قال: أخبرنا سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. قال: كان الناس يصلون مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهم عاقدوا أزرهم من الصغر على رقابهم. فقيل للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا.

قال الحافظ في «الفتح» (ج1 ص473): وفي رواية أبي داود من طريق وكيع عن الثوري (عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر). اهـ المراد من «الفتح».

قال الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- (ج3 ص1625) بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد. قال: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «احتلبوا هذا اللبن بيننا» قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نصيبه. قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان. قال: ثم يأتي المسجد فيصلي، ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي. فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنه ليس إليها سبيل. قال: ندمني الشيطان فقال: ويحك ما صنعت أشربت شراب محمد فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك، وعلي شملة إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال: فجاء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فسلم كما كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلى ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا، فرفع رأسه إلى السماء فقلت: الآن يدعو علي فأهلك. فقال: «اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني» قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي، وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فإذا هي حافلة وإذا هن حفل كلهن فعمدت إلى إناء لآل محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال: فحلبت فيه حتى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: «أشربتم شرابكم الليلة»؟ قال: قلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني، فقلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد روي وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض. قال: فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إحدى سوآتك يا مقداد» فقلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا. فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما هذه إلا رحمة من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها». قال: فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس».

وحدثنا إسحق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، حدثنا سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد. اهـ

قال الإمام البخاري -رحمه الله- (ج13 ص303): حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن أيوب، عن محمد. قال: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط. فقال: بخ بخ أبوهريرة يتمخط في الكتان لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى حجرة عائشة مغشيا علي، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي، ويرى أني مجنون، وما بي من جنون ما بي إلا الجوع.

وأخرجه الترمذي (ج7 ص23) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قال مسلم -رحمه الله- (ج4 ص2278): حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، عن خالد بن عمير العدوي. قال: خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قعرا، ووالله لتملأن، أفعجبتم ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا.

قال الإمام الترمذي -رحمه الله- (ج7 ص33): حدثنا العباس بن محمد، حدثنا عبدالله بن يزيد، حدثنا حيوة بن شريح، أخبرني أبوهانئ الخولاني، أن أبا علي عمرو بن مالك الجنبي أخبره عن فضالة بن عبيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة، وهم أصحاب الصفة، حتى يقول الأعراب: هؤلاء مجانين أو مجانون، فإذا صلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- انصرف إليهم. فقال: «لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة». قال فضالة: أنا يومئذ مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

هذا حديث حسن صحيح.

قال البخاري -رحمه الله- (ج6 ص610): حدثني محمد بن الحكم، أخبرنا النضر، أخبرنا إسرائيل، أخبرنا سعد الطائي، أخبرنا محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم. قال: بينا أنا عند النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل. فقال: «يا عدي هل رأيت الحيرة»؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: «فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله» قلت: فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار طيئ الذين قد سعروا البلاد؟ «ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى» قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: «كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فيقولن له: ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك؟ فيقول: بلى. فيقول: ألم أعطك مالا وأفضل عليك؟. فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم». قال عدي: سمعت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة، فبكلمة طيبة». قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبوالقاسم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يخرج ملء كفه».

قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج3 ص1609): حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر. فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة»؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا، فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أين فلان»؟ قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وصاحبيه ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إياك والحلوب، فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا. قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأبي بكر وعمر: «والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم».

وحدثني إسحق بن منصور، أخبرنا أبوهشام يعني المغيرة بن سلمة، حدثنا عبدالواحد بن زياد، حدثنا يزيد، حدثنا أبوحازم. قال: سمعت أبا هريرة يقول: بينا أبوبكر قاعد وعمر معه إذ أتاهما رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: «ما أقعدكما ههنا»؟ قالا: أخرجنا الجوع من بيوتنا والذي بعثك بالحق، ثم ذكر نحو حديث خلف بن خليفة. اهـ

قال البخاري -رحمه الله- (ج10 ص322): حدثنا عبدالله بن مسلمة، حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، أنه سمع سهلا يقول: جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقالت: جئت أهب نفسي، فقامت طويلا فنظر وصوب فلما طال مقامها، فقال رجل: زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ قال: «عندك شيء تصدقها»؟ قال: لا. قال: «انظر»، فذهب ثم رجع، فقال: والله إن وجدت شيئا. قال: «اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد» فذهب ثم رجع قال: لا والله ولا خاتما من حديد، وعليه إزار ما عليه رداء. فقال: أصدقها إزاري. فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إزارك إن لبسته لم يكن عليك منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليها منه شيء» فتنحى الرجل فجلس، فرآه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- موليا فأمر به فدعي. فقال: «ما معك من القرآن»؟ قال: سورة كذا وكذا، لسور عددها، قال: «قد ملكتكها بما معك من القرآن».

قال البخاري -رحمه الله- (3 ص142): حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا شقيق، حدثنا خباب -رضي الله عنه- قال: هاجرنا مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها، قتل يوم أحد فلم نجد ما نكفنه إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن نغطي رأسه وأن نجعل على رجليه من الإذخر.

قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص142): حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبدالله، أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، أن عبدالرحمن ابن عوف -رضي الله عنه- أتي بطعام وكان صائما. فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.

قال البخاري -رحمه الله- (ج7 ص83): حدثنا عمرو بن عون، حدثنا خالد بن عبدالله، عن إسماعيل، عن قيس. قال: سمعت سعدا -رضي الله عنه- يقول: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام، لقد خبت إذا وضل عملي. وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا: لا يحسن يصلي.

قال البخاري -رحمه الله- (ج2 ص427): حدثنا سعيد بن أبي مريم. قال: حدثنا أبوغسان. قال: حدثني أبوحازم، عن سهل، قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك. اهـ

قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج2 ص324): حدثنا عبدالصمد، حدثني أبي، حدثنا الجريري، عن عبدالله بن شقيق. قال: أقمت بالمدينة مع أبي هريرة سنة. فقال لي ذات يوم ونحن عند حجرة عائشة: لقد رأيتنا وما لنا ثياب إلا البراد المفتقة، وإنا ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه، حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشده على أخمص بطنه، ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه، فقسم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذات يوم تمرا، فأصاب كل إنسان منا سبع تمرات فيهن حشفة، فما سرني أن لي مكانها تمرة جيدة، قال: قلت: لم؟ قال: تشد لي من مضغي. اهـ

هذا حديث صحيح على شرط مسلم، والجريري هو سعيد بن إياس مختلط، ولكن عبدالوارث بن سعيد سمع منه قبل الاختلاط، كما في «الكواكب النيرات».

قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج1 ص55): حدثنا أبوبكر بن النضر بن أبي النضر. قال: حدثني أبوالنضر هاشم بن القاسم، حدثنا عبيدالله الأشجعي، عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مسير قال: فنفدت أزواد القوم قال: حتى هم بنحر بعض حمائلهم. قال: فقال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها؟ قال: ففعل. قال: فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره. قال: وقال مجاهد: وذو النواة بنواه. قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء. قال: فدعا عليها حتى ملأ القوم أزودتهم. قال: فقال عند ذلك: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما، إلا دخل الجنة».

قال مسلم -رحمه الله- (ج1 ص56): حدثنا سهل بن عثمان، وأبوكريب محمد بن العلاء، جميعا عن أبي معاوية. قال أبوكريب: حدثنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أو عن أبي سعيد -شك الأعمش- قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة. قالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «افعلوا» قال: فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة، لعل الله أن يجعل في ذلك. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «نعم» قال: فدعا بنطع فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم، قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة. قال: ويجيء الآخر بكف تمر. قال: ويجيء الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير. قال: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عليه بالبركة، ثم قال: «خذوا في أوعيتكم». قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه، قال: فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة(1)».

قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج3 ص417): حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبدالله يعني ابن المبارك. قال: أخبرنا الأوزاعي. قال: حدثني المطلب ابن حنطب المخزومي. قال: حدثني عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي. قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غزاة، فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في نحر بعض ظهورهم، وقالوا: يبلغنا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم. قال: يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا القوم غدا جياعا رجالا؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقايا أزوادهم فتجمعها، ثم تدعو الله فيها بالبركة، فإن الله تبارك وتعالى سيبلغنا بدعوتك، أو قال: سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام، وفوق ذلك، وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر، فجمعها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيش بأوعيتهم فأمرهم أن يحثوا فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئوه، وبقي مثله فضحك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتى بدت نواجذه فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى عبد مؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة».

هذا حديث صحيح ورجاله ثقات.

_______________________

(1) هذا الحديث والذي قبله من الأحاديث التي انتقدها الدارقطني -رحمه الله- ولم يتم الانتقاد.


 الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
  • عنوان الكتاب: الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 622748
  • التحميلات: 24557
  • تفاصيل : الطبعة الثانية- دار الآثار/صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

الإلحاد الخميني في أرض الحرمين