السكينة في الحج

قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص522): باب أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط.

حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا إبراهيم بن سويد، حدثني عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، أخبرني سعيد بن جبير مولى والبة الكوفي، حدثني ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه دفع مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم عرفة، فسمع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: «أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع».

قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج3 ص412): حدثنا موسى بن طارق أبوقرة الزبيدي، من أهل الحصيب وإلى جانبها رمع(1)، وهي قرية أبي موسى الأشعري. قال أبي: وكان أبوقرة قاضيا لهم باليمن، قال: حدثنا أيمن بن نابل أبوعمران. قال: سمعت رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقال له: قدامة يعني ابن عبدالله يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رمى جمرة العقبة يوم النحر. قال أبوقرة: وزادني سفيان الثوري في حديث أيمن هذا: على ناقة صهباء، بلا زجر، ولا طرد، ولا إليك إليك.

حدثنا وكيع، حدثنا أيمن بن نابل. قال: سمعت شيخا من بني كلاب يقال له: قدامة بن عبدالله بن عمار. قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم النحر يرمي الجمرة على ناقة له صهباء، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك.

حدثنا أبوأحمد محمد بن عبدالله الزبيري، حدثنا أيمن بن نابل، حدثنا قدامة بن عبدالله الكلابي، أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رمى الجمرة جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر على ناقة له صهباء، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك. حدثنا قران في الحديث قال: يرمي الجمار على ناقة له.

حدثنا سريج بن يونس ومحرز بن عون بن أبي عون أبوالفضل قالا: حدثنا قران بن تمام الأسدي، حدثنا أيمن، عن قدامة بن عبدالله. قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على ناقة يستلم الحجر بمحجنه.

قال أبوعبد الرحمن(2): حدثني محرز بن عون وعباد بن موسى. قالا: حدثنا قران بن تمام، عن أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبدالله، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يرمي الجمار على ناقة لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك. وزاد عباد في حديثه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على ناقة صهباء يرمي الجمرة.

حدثنا معتمر، عن أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبدالله قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم النحر يرمي الجمرة على ناقة له صهباء، لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك. اهـ

هذا حديث حسن لأنه يدور على أيمن بن نابل وهو حسن الحديث.

باب قول الله عز وجل: ﴿ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم(3).(4)

ولا شك أن التظاهر الخميني في الحرمين يكون مدعاة للفتن التي تكون سببا لتعطيل الحرمين من العبادة، ولولا الأمن وما يتمتع به الحجيج من متطلبات الحياة لما حج الربع من الذين يحجون. وأن هذه الآية الكريمة لتؤذن أن الله سيخزي هذا التظاهر الخميني، وقد أخبرت أن جميع الحجاج يمقتونهم ويكرهونهم، حيث يعطلون السيارات ويشغلون الناس عن أداء المناسك، ويقطعون الطرق، وصدق الله إذ يقول: ﴿ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون * إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين(5).

وعمارة المساجد تشمل عمارتها بالبنيان، وعمارتها بالعبادة، إذ قد وجد من يعمر المساجد بالبناء وليس بمسلم كما هو معلوم. وأظن الخمينيين ما يجسرون أن يقوموا بتظاهرات بعد عامهم الماضي(6) لأنه قد انكشف أمرهم أنهم عملاء لأمريكا وروسيا ولإسرائيل، فهم يستمدون الأسلحة من هذه وتلك ويقصفون المخيمات الفلسطينية.

﴿ياأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون*? كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون(7).

﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون(8).

أتحسبون أن الناس لا يعلمون أن هتافكم بسقوط أمريكا وروسيا دجل وتلبيس. إن الله سبحانه وتعالى يفضح الدجالين الملبسين وإن طال الزمن. ولقد أحسن من قال:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم

باب قول الله عز وجل: ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال*? رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب(9).

قال الإمام مسلم -رحمه الله- (1 ص397): حدثنا أبوالطاهر أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، عن حيوة، عن محمد بن عبدالرحمن، عن أبي عبدالله مولى شداد بن الهاد أنه سمع أبا هريرة يقولا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا».

وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا المقرئ، حدثنا حيوة. قال: سمعت أبا الأسود يقول: حدثني أبوعبدالله مولى شداد أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول بمثله.

وحدثني حجاج بن الشاعر، حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له».

حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما صلى قام رجل فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له».

حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن محمد بن شيبة، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه. قال: جاء أعرابي بعد ما صلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلاة الفجر فأدخل رأسه من باب المسجد فذكر بمثل حديثهما.

قال مسلم: هو شيبة بن نعامة أبونعامة، روى عنه مسعر وهشيم وجرير وغيرهم من الكوفيين.

قال الإمام أبوعبدالله بن ماجة -رحمه الله- (ج1 ص262): حدثنا أبوبكر ابن أبي شيبة، حدثنا شبابة، حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر، إلا تبشبش الله له، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم». اهـ

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

باب قول الله عز وجل: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون(10).

قال الإمام أبوجعفر بن جرير -رحمه الله- (ج13 ص521): يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام الذي يصلون لله فيه ويعبدونه، ولم يكونوا لله أولياء، بل أولياؤه الذين يصدونهم عن المسجد الحرام وهم لا يصلون في المسجد الحرام. ﴿وما كان صلاتهم عند البيت يعني: بيت الله العتيق، ﴿إلا مكاء وهو الصفير، يقال منه: مكا يمكو مكوا ومكاء، وقد قيل: إن المكو: أن يجمع الرجل يديه ثم يدخلهما في فيه ثم يصيح، ويقال منه: مكت است الدابة مكاء: إذا نفخت بالريح، ويقال: إنه لا يمكو إلا است مكشوفة، ولذلك قيل للاست المكوة، سميت بذلك; ومن ذلك قول عنترة:

وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم

وقول الطرماح:

فنحا لأولاها بطعنة محفظ تمكو جوانبها من الإنهار

بمعنى: تصوت.

وأما التصدية فإنها التصفيق، يقال منه: صدى يصدي تصدية، وصفق وصفح بمعنى واحد.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع(11)، قال: حدثنا أبي، عن موسى بن قيس، عن حجر بن عنبس: ﴿إلا مكاء وتصدية قال: المكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق.

حدثني المثنى، قال: حدثنا عبدالله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي(12)، عن ابن عباس: قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية المكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق.

حدثني محمد بن سعد(13)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية يقول: كانت صلاة المشركين عند البيت مكاء، يعني: التصفير، وتصدية يقول: التصفيق.

حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، قال: أخبرنا فضيل، عن عطية(14): ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: التصفيق والصفير.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن قرة بن خالد، عن عطية، عن ابن عمر، قال: المكاء: التصفيق، والتصدية: الصفير. قال: وأمال ابن عمر خده إلى جانب.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين(15)، قال: حدثنا وكيع، عن قرة بن خالد، عن عطية، عن ابن عمر: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: المكاء والتصدية: الصفير والتصفيق.

حدثني الحارث، قال: حدثنا القاسم، قال سمعت محمد بن الحسين يحدث عن قرة بن خالد، عن عطية العوفي، عن ابن عمر، قال: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبوعامر، قال: حدثنا قرة، عن عطية، عن ابن عمر، في قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق. وقال قرة: وحكى لنا عطية فعل ابن عمر، فصفر وأمال خده وصفق بيديه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، قال: سمعت أبا سلمة بن عبدالرحمن بن عوف يقول في قول الله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال بكر: فجمع لي جعفر كفيه، ثم نفخ فيهما صفيرا، كما قال له أبوسلمة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبوأحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح(16)، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.

قال: حدثنا أبوأحمد، قال: حدثنا سلمة بن سابور، عن عطية، عن ابن عمر: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: تصفير وتصفيق.

قال: حدثنا أبوأحمد، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن ابن عمر، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حبوية أبويزيد، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله: ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده فأمروا بالثياب.

حدثني المثنى(17)، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، قال: كانت قريش يعارضون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الطواف يستهزئون به، يصفرون به ويصفقون، فنزلت: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿إلا مكاء قال: كانوا ينفخون في أيديهم، والتصدية: التصفيق.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبوعاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿إلا مكاء وتصدية قال: المكاء: إدخال أصابعهم في أفواههم، والتصدية: التصفيق، يخلطون بذلك على محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

حدثنا المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبدالله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله، إلا أنه لم يقل صلاته.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: المكاء، إدخال أصابعهم في أفواههم، والتصدية: التصفيق. قال نفر من بني عبدالدار كانوا يخلطون بذلك كله على محمد صلاته.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبوأحمد، قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: من بين الأصابع. قال أحمد: سقط علي حرف وما أراه إلا الخذف والنفخ والصفير منها; وأراني سعيد بن جبير حيث كانوا يمكون من ناحية أبي قبيس.

حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، قال: أخبرنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: المكاء: كانوا يشبكون بين أصابعهم ويصفرون بها، فذلك المكاء. قال: وأراني سعيد بن جبير المكان الذي كانوا يمكون فيه نحو أبي قبيس.

حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا محمد بن حرب، قال: حدثنا ابن لهيعة(18)، عن جعفر بن ربيعة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، في قوله: ﴿مكاء وتصدية قال: المكاء: النفخ، وأشار بكفه قبل فيه، والتصدية: التصفيق.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.

حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر(19)، عن الضحاك، مثله.

حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد(20)، عن قتادة، قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: كنا نحدث أن المكاء: التصفيق بالأيدي، والتصدية: صياح كانوا يعارضون به القرآن.

حدثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿مكاء وتصدية قال: المكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق.

حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية والمكاء: الصفير، على نحو طير أبيض يقال له المكاء يكون بأرض الحجاز، والتصدية: التصفيق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: المكاء: صفير كان أهل الجاهلية يعلنون به. قال: وقال في المكاء أيضا: صفير في أيديهم ولعب.

وقد قيل في التصدية: إنها الصد عن بيت الله الحرام. وذلك قول لا وجه له، لأن التصدية مصدر من قول القائل: صديت تصدية. وأما الصد فلا يقال منه: صديت، إنما يقال منه صددت، فإن شددت منها الدال على معنى تكرير الفعل، قيل: صددت تصديدا، إلا أن يكون صاحب هذا القول وجه التصدية إلى أنه من صددت، ثم قلبت إحدى داليه ياء، كما يقال: تظنيت من ظننت، وكما قال الراجز:

تقضي البازي إذا البازي كسر

يعني: تقضض البازي، فقلب إحدى ضاديه ياء، فيكون ذلك وجها يوجه إليه.

ذكر من قال ما ذكرنا في تأويل التصدية:

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية صدهم عن بيت الله الحرام.

حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، قال: أخبرنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير: ﴿وتصدية قال: التصدية: صدهم الناس عن البيت الحرام. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد(21)، في قوله: ﴿وتصدية قال: التصديد عن سبيل الله، وصدهم عن الصلاة وعن دين الله.

حدثنا ابن حميد(22)، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قال: ما كان صلاتهم التي يزعمون أنها يدرأ بها عنهم إلا مكاء وتصدية، وذلك ما لا يرضى الله ولا يحب، ولا ما افترض عليهم ولا ما أمرهم به.

وأما قوله: ﴿فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون فإنه يعني العذاب الذي وعدهم به بالسيف يوم بدر، يقول للمشركين الذين قالوا: ﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء... الآية(23)، حين أتاهم بما استعجلوه من العذاب: ذوقوا: أي اطعموا، وليس بذوق بفم، ولكنه ذوق بالحس، ووجود طعم ألمه بالقلوب. يقول لهم: فذوقوا العذاب بما كنتم تجحدون أن الله معذبكم به على جحودكم توحيد ربكم ورسالة نبيكم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي ما أوقع الله بهم يوم بدر من القتل.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: ﴿فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون قال: هؤلاء أهل بدر يوم عذبهم الله.

حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون يعني أهل بدر عذبهم الله يوم بدر بالقتل والأسر. اهـ?

باب قول الله عز وجل: ﴿والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا(24).

قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج4 ص1947): حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ ابن عمرو، أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها! قال: فقال أبوبكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم، فأتى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأخبره. فقال: «يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك» فأتاهم أبوبكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي.

قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج4 ص1878): حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبدالله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ستة نفر. فقال المشركون للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه.

اللهم إنه قد اشتد بلاء المسلمين من هؤلاء الغوغاء، فآذوا المسلمين بأيديهم وألسنتهم، فإنا نسألك ياالله أن تعقر إمام الضلالة الخميني(25) حتى يستريح منه البلاد والعباد، إنك على شيء قدير.

_______________________

(1) رمع واد طويل معروف باليمن، يمتد من آنس، ويصب في البحر الأحمر.

(2) هو عبدالله بن أحمد -رحمه الله-.

(3) سورة البقرة، الآية: 114.

(4) وقد حالوا التفجير في الحرم فخيبهم الله.

(5) سورة التوبة، الآية: 17-18.

(6) أخطأ ظني في هذا، وكنت أظن أنهم يستحيون من تكرار الفضائخ ولكن النبي ?: ?يقول إذا لم تستحي فاصنع ما شئت?.

(7) سورة الصف، الآية: 2-3.

(8) سورة البقرة، الآية: 44.

(9) سورة النور، الآية: 36-38.

(10) سورة الأنفال، الآية: 35.

(11) هو سفيان بن وكيع ضعيف.

(12) هو علي بن أبي طلحة ولم يسمع من ابن عباس.

(13) هذا السند مسلسل بالعوفيين وهم ضعفاء.

(14) ضعيف.

(15) الحسين هو ابن داود الملقب بسنيد، ضعيف.

(16) ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد.

(17) المثنى هو ابن إبراهيم الآملي ولم نجد له ترجمة.

(18) ابن لهيعة هو عبدالله، وهو ضعيف.

(19) جويبر هو ابن سعيد، متروك.

(20) سعيد بن أبي عروبة لم يسمع التفسير من قتادة، قاله يحيى القطان كما في مقدمة ?الجرح والتعديل? لابن أبي حاتم.

(21) ابن زيد هو عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف.

(22) ابن حميد هو محمد بن حميد الرازي، حافظ ولكنه ضعيف بل اتهم بالكذب.

(23) سورة الأنفال، الآية: 32.

(24) سورة الأحزاب، الآية: 58.

(25) وقد أبعده الله وأراح البلاد والعباد منه.


 الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
  • عنوان الكتاب: الإلحاد الخميني في أرض الحرمين
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 642341
  • التحميلات: 24884
  • تفاصيل : الطبعة الثانية- دار الآثار/صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس