أسئلة أصحاب لودر

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم أجمعين.. وبعد:

فهذه أسئلة من شباب لودر نقدمها إلى شيخنا العلامة المحدث الشيخ مقبل ابن هادي الوادعي حفظه الله.

السؤال84: ما حكم سؤال الله عز وجل بصفة من صفاته، وهل هو شرك لأن الشيخ ابن عثيمين حفظه الله قد سئل عن ذلك فقال: إنه شرك، باعتبار أن الصفة زائدة على الذات، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في دعاء الاستخارة: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم»، وجاء في حديث آخر قوله: «اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق»، فماذا نفعل في هذا؟

الجواب: أقسام النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- واردة في السنة، فكان يقول: «لا ومقلب القلوب»، ويقول أيضا: «والذي نفسي بيده»، «والذي نفس محمد بيده»، لا والله، ولم يثبت أنه أقسم بصفة زائدة، ولكن هل يبلغ إلى حد الشرك أم لا، أرى أنه لا يعد شركا والله أعلم. والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها(1).

السؤال85: جاء عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه حنك عبدالله بن طلحة أخي أنس بن مالك، فهل التحنيك خاص بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأنه جاء من أجل البركة، أم هو عام لمن ترجى منه البركة؟

الجواب: البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشخص، وهي في النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مقطوع بها وفي غيره من الأفاضل يرجى أن يكون به بركة بسبب تحنيكه، فعلى هذا فلا بأس أن يذهب إلى الرجل الفاضل من حفظة القرآن أو من غيرهم، وأن يحنك الصبي.

السؤال86: ذكرتم يا فضيلة الشيخ في مقدمة تحقيق أحد الطلبة لكتاب الشوكاني في مسألة الاستمناء: أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول بفناء النار، وأن الصنعاني قد رد عليه في كتاب «كشف الأستار»، وقد قرأت هذا الكتاب ومحققه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ولم يذكر مرجع هذه المسألة عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا فعلكم فيما ذكرتم وقد وجدت لشيخ الإسلام كلاما يناقض ذلك لما سئل عن حديث أنس بن مالك: «سبع لا تموت ولا تفنى ولا تذوق الفناء -وذكر منها: - النار»، وأجاب -رحمه الله- بأن هذا الخبر ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ونقل اتفاق السلف على عدم فنائها، وأن هذا القول مذهب طائفة من أهل الكلام المبتدعين كالجهم بن صفوان. فهل عندكم ما تثبتونه عليه؟

الجواب: أما القول بفناء النار فقد قال به ابن القيم في كتابه «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» في آخر الكتاب فيراجع هذا.

وأما قول شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» بأنه لا يقول بفناء النار، فإن نقل ابن القيم أصح من «مجموع الفتاوى»، لأن «مجموع الفتاوى» جمعها شيخ عصري فاضل جزاه الله خيرا، فنقل ابن القيم أثبت، إلا أنه إذا كان قد نقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية خلاف هذا، فلعله تراجع عن هذا الأمر.

السؤال87: هل يجوز لعن المعين فيما ثبت فيه الدليل، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «اتقوا اللعانين»، وقوله في الكاسيات العاريات: «العنوهن فإنهن ملعونات»، أم هو جائز على صاحب معصية أو غير جائز على الإطلاق؟

الجواب: لعن المعين الحي لا يجوز، حتى وإن كان كافرا، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم عند أن قنت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولعن بعض صناديد قريش فأنزل الله: ﴿ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون(2).

ومن باب الأولى إذا كان مسلما، بل جاء في شأن النعيمان وقد شرب خمرا فقال له بعض الصحابة: أخزاك الله ما أكثر ما يؤتى بك، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا تعينوا الشيطان على أخيكم».

وأما ما جاء في: «العنوهن فإنهن ملعونات»، فأنا على ضعف الحديث، وليست الزيادة في الحديث الذي رواه مسلم، فالحديث الذي رواه مسلم ذكر فيه: «نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»، وما جاء أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعن: «آكل الربا وموكله، ولعن الراشي والمرتشي، ولعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة»، فهذا ليس على سبيل التخصيص.

ومعنى اللعن: الطرد عن رحمة الله، وقد يستعمل بمعنى الشتم والسب حتى لو أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعن شخصا وليس أهلا لأن يلعن فإنها تكون عليه رحمة، كما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إنما أنا بشر أغضب كما تغضبون، اللهم من سببته أو لعنته فاجعلها عليه رحمة».

وأما حديث: «اتقوا اللعانين»، فمعنى هذا أنها جرت عادات الناس وطبائعهم أن يلعنوا من فعل هذا، وليس معناه أنه يحل لهم ذلك، ولم يقله النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مقرا لهم على ذلك.

السؤال88: بالنسبة لحديث: «الكاسيات العاريات» هل يشترط فيه اكتمال الصفات وإرادة الفعل أم لا؟

الجواب: تكون آثمة، لكن لا يشملها هذا الوعيد العظيم «لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».

ثم إن كانت موحدة فهي تحت مشيئة الله، إن شاء غفر لها كما قال تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء(3)، وإن شاء عذبها بقدر ذنبها ثم مآلها إلى الجنة ويكون معنى الحديث: لا يدخلن الجنة دخولا أوليا.

السؤال89: مسألة الدية في فقء عين الناظر في البيت ومن أراد المرور بين يدي المصلي، هل تلزم في ذلك الدية؟

الجواب: لا، لا يلزم، فإنه إذا نظر وفقئت عينه فهو هدر، ولا تلزم فيها الدية، وأما حديث المرور بين يدي المصلي: «فليقاتله»، ليس معناه أن يقتله، ولكن لو دافعه وسقط على الأرض ومات فلا شيء عليه في ذلك.

السؤال90: يؤتى بالجنازة إلى المسجد ويصلي الناس الفريضة إليها فما حكم ذلك؟

الجواب: لا أعلم مانعا من ذلك، والنهي عن استقبال القبور، لا عن استقبال الميت، وقد جيء بسعد بن أبي وقاص إلى عائشة لتصلي عليه، وصلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على ابني بيضاء في المسجد فلا أعلم مانعا من هذا، ولا تفسد الصلاة.

السؤال91: هل تستحب صلاة الاستخارة للزواج؟

الجواب: الزواج نفسه قد يكون واجبا، ولكن عليه أن يستخير الله عز وجل فربما تكون هذه المرأة سببا لصده عن الخير كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن يك من الشؤم شيء حق ففي المرأة والفرس والدار»، فلا بأس أن يستخير الله سبحانه وتعالى أيتزوج هذه المرأة أم يتزوج غيرها فربما تكون تعاسة عليه إذا تزوج بها.

السؤال92: حديث: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان»، هل يؤدي من فعل ذلك إلى بطلان صلاته؟

الجواب: بحسب حالته، فإن كان انتهى به الحال إلى أنه لا يشعر بما يقول لشدة مدافعة الأخبثين، فصلاته غير صحيحة، وإن كان يستطيع أن يدافع ولا يشوش، فصلاته صحيحة مع الكراهة.

السؤال93: هل يجوز للبنت أن تتزين أمام خالها وعمها، وتظهر مفاتنها، لأن هناك من يقول: أن عمها أو خالها سيصف محاسنها لابنه؟

الجواب: لا أعلم مانعا من هذا، وهذا ليس بقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهذا إنما قاله بعض علماء السلف.

السؤال94: ما حكم قص الشعر للمرأة؟

الجواب: إن كانت تحتاج إلى قصه، كأن ينبت في رأسها حزاز أو جرح أو طال الشعر كثيرا وتريد أن تقص منه، فلا بأس، وإلا فهو يعتبر زينة لها.

قد جاء في «صحيح مسلم» أن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قصصن شعر رءوسهن بعد وفاته حتى صار كالوفرة، أي: كالنبات المرعي، ولكن هذا من فعلهن؛ والذي ننصح به هو إبقاء شعر الرأس فإنه يعتبر زينة وجمالا للمرأة.

وأعظم من هذا إذا كان تشبها بأعداء الإسلام، فقد أصبح المسلمون يتشبهون بأعداء الإسلام حتى إن من النساء من أصبحت تصبغ رأسها بصباغ أحمر، وإن رأت من النساء من يقصصن من رءوسهن فعلت ذلك، وبعض النساء ترفع رأسها كأنه سنام بعير على الرأس، و هذا هو الذي يشمله قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مائلات رءوسهن كأسنمة البخت».

وتقليد أعداء الإسلام في هذا الزمان يصدق عليه قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم»، ويقول محذرا عن ذلك: «من تشبه بقوم فهو منهم».

السؤال95: بالنسبة لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- في تحديد (ربا الفضل)، وذكر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ذلك الذهب بالذهب وغيره، وفيه «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»، ثم وجدنا الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتاب «الرسالة» ص (523-527) نقل الاتفاق على جواز التأجيل في البر والشعير والتمر والملح وكذا نقله ابن المنذر والحديث لا يؤيده فكيف يكون الإجماع مخالفا لظاهر النص؟

الجواب: هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من خص ذلك بالصيرفي، الذي يتولى الصرافة كأن يذهب شخص إلى صيرفي ويقول له: أريد منك أن تصرف لي هذه النقود كدولارات أو عملة أجنبية أخرى، فيعطيه الصيرفي بعض المال ويقول له: ترجع لبعض المال في وقت آخر، فهذا يعتبر ربا.

وأما مسألة البيع والشراء فمن أهل العلم من يرى أنه لا يشملها الدليل بحيث لو ذهبت وأخذت ذهبا وقلت له: قيده علي إلى مدة شهر أو شهرين، وبعد ذلك تعطيه ذهبا، فمن أهل العلم من يرى أنه داخل في الربا، ومنهم من يرى أنه ليس داخلا في الربا، والذي يظهر لي أنه ليس داخلا في الربا، لكن ننصح بالابتعاد عنه درءا للشبهة.

السؤال96: القاعدة التي تقول: الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، ما مدى صحة هذه القاعدة، ثم أليس الأولى أن يعمل كل واحد باحتماله؟

الجواب: هذه قاعدة باطلة وأكثر الأدلة من هذا النوع، فلو فتحت هذه القاعدة لتعطل كثير من الشرع، وإذا احتمل الدليل هذا وهذا فلك أن تنظر إلى مرجحات أخرى من أدلة أخرى ولكن أيضا أن تنظر إلى الترجيح بين الاحتمالين، ثم إذا أشكل عليك الأمر تتوقف فيه.

أما أن تقول: يبطل به الاستدلال فقد يصعب لديك الفهم لدى احتمالات، وآخر يفتح الله عليه بترجيح أحد الاحتمالين والعمل بأحد الاحتمالين.

وما أكثر الأدلة التي تحتمل هذا وهذا، ففي هذه القاعدة إبطال للشرع، وأنا أنصح الأخوة بما نصح به الشوكاني فهو يقول: ما من قاعدة إلا وهي تحتاج إلى أن يستدل لها، لا يستدل بها، ويقول في أوائل كتابه «إرشاد الفحول»: إن كثيرا من العلماء الجهابذة أصبحوا مقلدين بسبب القواعد التي قعدها أصحاب أصول الفقه.

السؤال97: ينقل العلماء الإجماع على أن مستحل الحرام كافر، فكيف نفعل في المسائل التي اختلف العلماء في الحكم عليها بالحرام أو عدمه كالغناء؟

الجواب: المراد بالحرام المقطوع به مثل أن يقول: الخمر حلال، أو الزنا حلال، أما الأمر الذي تكون فيه الأدلة محتملة واختلف العلماء المتقدمون فلا يبلغ به حد الكفر، بل لك أن تأخذ بأحد القولين تراه أقرب إلى الدليل وإلى أصول الشريعة.

السؤال98: ما هو المنهج السلفي في الحكم على فرقة أو جماعة بأنها جماعة ومتى نستطيع أن نخرجهم عن دائرة أهل السنة والجماعة؟

الجواب: منهج أهل السنة والجماعة هو الالتزام بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وقد ألف أبوإسماعيل الصابوني «عقائد السلف» فربما يذكر السلف، وربما يذكر أهل السنة، وربما يذكر المحدثين وهو يعني شيئا واحدا يصدق على من التزم بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في شأن السلف الصالح: «إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن».

أما متى يخرج الشخص عن منهج السلف الصالح، فإذا ارتكب البدع: «فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة»، وإذا خرج عن منهج السلف إما إلى التصوف، أو التشيع أو إقامة الموالد أو الترحيب بالقوانين الوضعية، أو الولاء الضيق كالحزبية، التي هي ولاء ضيق فيوالي من أجل الحزب ويعادي من أجل الحزب. إذا كان حزب الله فلا بأس أن توالي وتعادي من أجله ولكن كما يقول ربنا عز وجل: ﴿فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون(4).

وكما يقول الشاعر:

وكل يدعي وصلا لليلى                    
                    وليلي لا تقر لهم بذاك

فإذا كان سلفيا وهو يؤمن بالديمقراطية، فهذا ليس بسلفي ولا كرامة، وإن كان يؤمن بأن الله مستو على عرشه ويؤمن بأسماء الله وصفاته كما وردت في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

السؤال99: كيف يحذر الشباب من الحزبيات غير الظاهرة والتي لا يحذر منها إلا قليل من الناس وكيف يعرف الشاب أنه خالف منهج السلف في ذلك؟

الجواب: يعرف بالولاء الضيق، فمن كان معهم فهم يكرمونه، ويدعون الناس إلى محاضراته وإلى الالتفاف حوله، ومن لم يكن معهم فهو يعتبر عدوهم. وكما أن الناس يسألون العلماء في الصلاة والطلاق والزكاة والحج والمعاملات، ينبغي أن يسألوا أهل العلم ويصفوا لهم أصحاب الولاء الضيق، هل هي معاملة إسلامية أم ليست معاملة إسلامية وكما قال الله عز وجل: ﴿وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم(5)، وقال: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون(6)، وقال أيضا: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون(7).

وقال في أصحاب قارون عند أن خرج في زينته: ﴿فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون(8).

وإياك أن تبيع دينك وعمرك بشيء من المال تافه زائل، فقد أضاعوا أعمارهم وأضاعوا دينهم بالجري بعد الحزبيات، سواء أكانت حزبية مغلفة أم حزبية ظاهرة، والحزبية المغلفة ستظهر عند الانتخابات فمحمد المهدي يقول: من يقنعني بأنني حزبي؟ وهكذا غير محمد المهدي.

والإخوان المسلمون ضيعوا أعمارهم وفقدوا ثقة الناس بهم، ولو رجعوا إلى الكتاب والسنة وبذلوا ما يبذلونه من الركض والجري للدعوة إلى الكتاب والسنة، لرأيت الشيوعية والبعثية والناصرية ذليلين حقيرين، ولكن هم الذين اعترفوا بهم، من أجل هذا اتسع الخرق على الراقع، ثم بعد ذلك نسمعهم يقولون: خذلنا أهل السنة، وأقول: هل نضيع ديننا وأعمارنا مثلهم، فإذا دعوا واستسلموا للكتاب والسنة فأهل السنة مستعدون ألا يخذلوهم يقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».

فليستسلموا للكتاب والسنة وليقولوا: كفرنا بقرارات مجلس الأمن، وقرارات الأمم المتحدة والديمقراطية، وليكونوا صادقين في هذا، ونحن وهم يد واحدة على أعداء الإسلام. أما لماذا لا نحرق أنفسنا معهم وقد احترقوا؛ فلا، فما وثق الناس بدعوة أهل السنة إلا لأنها لا تتلون.

السؤال100: ذكر الإمام النووي في «شرح مسلم» عند شرح حديث الطائفة المنصورة ما نصه: «ويحتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيموا أمر الله من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وآمر بالمعروف وغير ذلك من أنواع الخير ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز أن يكونوا مفرقين»، وذكر ذلك عنه الحافظ في «الفتح»، فهل هذا مخالف لما جاء عن أحمد ابن حنبل وأحمد بن سنان وابن المبارك وغيرهم من أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة وهل هناك راية تجتمع تحتها هذه الطائفة من حيث النسبة والانتساب أم أنهم مفرقون بين الفرق والجماعات؟

الجواب: أما كلام النووي فهو يقصد أهل السنة، ولا يقصد أنهم من الصوفية، ولا من الشيعة ولا من غلاة المتمذهبة، فهو كلام حق لا غبار عليه، وإن كان الإمام البخاري -رحمه الله- يقول: هم أهل العلم. ويقول الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم!.

لكن يقال: أن أهل العلم المتمسكين بالعلم، وأهل الحديث العاملين بالحديث داخلون دخولا أوليا، وإلا فأنا لا أستطيع أن أقول: إنها مقصورة على المحدثين، لعدم الدليل، فليس هناك دليل، ولكن أهل الحديث داخلون دخولا أوليا، كما ذكرت هذا في كتاب «المخرج من الفتنة» وهم أحق الناس بهذا، لكن لا يمنع أن يكون هناك من هو مجاهد ومن هو فقيه في فهم الكتاب والسنة وبقية الفنون العلمية والمصالح التي ينتفع بها الإسلام والمسلمون وباب التخصص معروف، أي إذا وجد أناس يعرفون حديث رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ووجد آخرون يدرسون في الفقه الإسلامي وآخرون في اللغة العربية، وآخرون في كتب التفسير وفي علم الحديث، فلا ينبغي لطائفة أن تشنع على أخرى، وهذه هي الطوائف التي ينبغي أن يكمل بعضها بعضا، لا الديمقراطيون وغيرهم من فرق الضلال يكمل بعضهم بعضا، لكن الطوائف الذين تخصصوا في فنون العلم مع اعترافهم بما يقوم به الآخرون من خدمة الإسلام والمسلمين.

فخالد بن الوليد الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- «إنه سيف من سيوف الله» كان لا يحفظ من الأحاديث إلا اليسيرة، وأبوهريرة يعتبر حافظ الصحابة، فهل إذا جاءت غزوة من الغزوات أمر فيها أبوهريرة، لا، بل يؤمر فيها خالد بن الوليد، وأصحاب السياسة مثل عمرو بن العاص، وإذا جاء الحديث فعند أبي هريرة.

فهذا أمر ضيعه العصريون، كل واحد يريد أن يسحبك إلى فكرته، وإذا لم تنسحب إلى فكرته قدح فيك، وقال: هؤلاء متشددون ولا يعرفون إلا (حدثنا وأخبرنا)، أو يقول: هؤلاء شقوا عصا المسلمين. ومثل هذه الكلمات التي تقال وتنفر عن أهل السنة.

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا(9)، ويقول: ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى(10).

وأقول: أين ردود الإخوان المسلمون في اليمن وأصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان على الصوفية وعلى الشيعة، وعلى الشيوعيين، وعلى الإباضية، وعلى المخرفين والقبوريين، بل أعظم الأعداء لهم هم أهل السنة، فقد سخروا جهودهم في تحطيم أهل السنة، ولكن رب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده(11).

وأنصح أهل السنة بالاستقامة على الكتاب والسنة، وبالإقبال الكلي على الكتاب والسنة، وألا يشغلوا أنفسهم بهؤلاء فقد ذابوا وضاعوا.

وقد كنت أريد أن أرد بل قد كتبت شيئا بعنوان «تحذير النبيه من أكاذيب عمار السفيه» وإذا هذا الرد سيرفع من شأنه، فمن معنا؟ معنا ساقط من الساقطين، لا يساوي شيئا وأقول: لن يراعى فليس أهلا لأن يرد عليه.

وأيضا (البيضاني) فقد كنت عزمت على كتابة «تحذير الغبي من تلبيسات محمد البيضاني الأشعبي» فعند أن كان هاهنا في دماج تارة يقول: أحقق في جامع الترمذي، وأخرى: أكتب تفسيرا، وأخرى كذا، مسكين ضيع نفسه.

ولن أرد إن شاء الله إلا على بعض المسائل، وأقول للبيضاني: أتخوف مقبلا بما جئت به؟ ولو كنت أخاف ما كتبت هذا، بل أعتبره دلالة على كتبي، فمن الناس من لا يعرف «قمع المعاند» فيقول: نطلع عليه، ومن الناس من لا يعرف «المصارعة» أو «الفواكه الجنية»، ومن الناس من لا يعرف الأشرطة، ومن الناس من لا يعرف «الترجمة» أو «هذه دعوتنا وعقيدتنا»، مثل ما رد أهل صعدة فقد كتبوا ردا بعنوان «فصل الخطاب في الرد على المفتري الكذاب» ويقولون: أنت قلت يامقبل كذا وكذا، قلت: أي والله قلت، وأحمد الله الذي وفقني للقول بذلك. أحدث نفسي وأنا أقرأ هذا الرد.

السؤال101: هناك من يقول إن الجمعيات كجمعية الحكمة والإحسان شبهة وليست حزبية فما تقولون؟

الجواب: هذا إما أن يكون صاحب هوى، وإما أن يكون جاهلا، فإن كان جاهلا فننصحه أن يتعلم، وإن كان صاحب هوى فليعتبر بغيره الذين ضاعوا وماعوا بعد هذه الجمعيات، وأنصحه باستماع شريط «التحذير من الحزبية»، والحمد لله فالعجائز عندنا يعرفن أن جمعية الحكمة حزبية وكذلك أصحاب جمعية الإحسان، وانظروا إلى الإخلاص، فقد قربوا الإفطار في حضرموت في رمضان، وجاءوا بالمصور، فقال الإخوان: نحن لا نتصور، قالوا: لا بأس تأخروا ونصور الطعام. وهناك مبنى في السدة بنته جمعية الحكمة ولم يبق معها طالب واحد، وطلبة العلم طلبة أخينا علي العروقي أهل السنة لا يجدون أين ينزلون، وفي نشرة مجلة (الفرقة) لعمار السفيه قال: إن جمعية الحكمة عندها ملايين، وأنا أتساءل: هل أتى فاعل الخير بهذا المال ليخزن في البنوك أم لينفق على طلبة العلم؟ وهم يكذبون -وعندي إثباتات محتفظ بها- يزعمون أنهم يدعمون طلبة العلم بمعبر، وبمأرب، وبدماج، وربما لا يجد أحدهم ثمن الصابون ليغسل ثيابه، ولا يجد أحدهم ما يرجع به إلى بلده، ثم يذهبون ويخزنونها في البنوك، وهذه المجلة عندي، فلماذا لا تنفق هذه الملايين على طلبة العلم بمعبر، وبمأرب، وبدماج، وفي مفرق حبيش، وفي عدن، وحضرموت، يقولون: لا، لا بد أن يبايعونا إذا أرادوا أن نعطيهم، أما أن نعطيهم لله عز وجل، فلا يعطون لله عز وجل، وراجعوا المجلة.

السؤال102: مع كثرة المحققين لكتب السلف في هذا العصر، تجد أن بعض المحققين من يحقق بعض الكتب ويأتي فيها بفوائد علمية وعقدية، ثم إذا اشتهر بين صفوف الشباب أتى بعجائب، فكيف يصنع الشباب مع عدم تحذير العلماء أو قلة تحذير العلماء من ذلك، ومن هؤلاء الشيخ شعيب الأرناءوط كما حصل له في تحقيق «أقاويل الثقات» للكرمي فأفاد في مقدمته مسائل في العقيدة ورد على تأويلات الأشاعرة، ثم لما علق على «صحيح ابن حبان» أتى بتأويلات لبعض الصفات وأقرها، فنرجو التحذير من ذلك، وأن تبينوا لنا حال بعض المصنفين والمحققين في هذا العصر؟

الجواب: الواجب على الإخوة أن يكتبوا إليه، وكذلك الأخ شعيب الأرناءوط الحق أنه قد أخرج كتبا قيمة لطلبة العلم، فعلى هذا يستفاد من الكتب، فإنه قد أخرج كتبا مفقودة أو نادرة ليست في متناولنا.

فينبغي لطلبة العلم أن يكتبوا إليه وإن أحبوا أن يردوا عليه فعلوا، وإلى الله المشتكى من كثير من العصريين فإنهم محتاجون إلى تعليم، كيف ذلك! فأبوحاتم وأبوزرعة وغيرهما يذكران الحديث في «العلل»، فيأتي صاحبنا المحقق العصري ويقول: قلت! فمن أنت حتى تقول: قلت.

يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم (عند)

وآخر أيضا يقول: وأنا أخالف الذهبي، وأخالف العراقي، وأخالف السخاوي وابن كثير! فإذا كنت تخالف هؤلاء الأئمة فمن معك على هذا. فهم محتاجون إلى أن يعرفوا ويدرسوا كتب «العلل» وأن يعلموا أنه ما خاض في كتب «العلل» إلا مجموعة يعدون على الأصابع، فما كل أحد يحسنها.

ويقول أحدهم: قلت: تفرد به فلان وهو ثقة، وزيادة الثقة مقبولة. فهل زيادة الثقة مقبولة مطلقا أم يشترط ألا يخالف من هو أرجح منه، أو ألا يعله العلماء المتقدمون الذين هم أهل الفن.

السؤال103: ذكر أبوعاصم عبدالعزيز القاري في كتابه «برنامج عملي للمتفقهين» (ص25) أن أسلم وأسهل طريقة لمعرفة فقه الأحكام هي التمذهب وقال: إنه قال هذا ردا على بعض العلماء المتأخرين وهو الشوكاني -رحمه الله-، فإنه دعا المتفقهين إلى التفقه بعيدا عن هذه المذاهب الأربعة -وأطال، ثم في ص(27) قال: - فعليك يا متفقه أن تتخذ التمذهب وسيلة إلى التفقه في أحكام الشريعة، وشنع في هامشها على قوم، قال عنهم المعلمين الشوكانيين، وقال في ص(40): في سلم تعلم التفسير: يبدءون «بتفسير الجلالين» ثم «تفسير البيضاوي» ثم «تفسير ابن كثير»، قال: وإن أنكرتم على تأخير «تفسير ابن كثير» بعد «الجلالين» و«البيضاوي»! فأقول: لأن «تفسير ابن كثير» فيه إسرائيليات وروايات حديثية تحتاج إلى طالب علم وإلا فهو من أجل التفاسير قدرا، وقال في الهامش عن «تفسير الجلالين» و«البيضاوي»: هذان التفسيران من أجل التفاسير وأكثرها فائدة للمتعلم لما فيهما من عناية باللغة والإعراب وأسباب النزول ومعاني الآيات وغيرها من أغراض التفسير مع متانة أسلوبهما ودقة عباراتهما على ما فيهما من أشعريات يتولى تنبيه المتعلم إليها شيخه. وعلق على «تفسير ابن كثير» بقوله: هذا مع أن ابن كثير قليل العناية بتفسيره بالإعراب واللغة والأحكام الفقهية وإنما يمتاز بسلامة الفكرة وصحة تفسير المعنى والاعتماد على المأثور وهو قبس من «تفسير ابن جرير» و«ابن أبي حاتم» فما قولكم في ذلك حفظكم الله تعالى؟

الجواب: ينبغي أن يعلم أن عبدالعزيز القاري حنفي، ثم أين الدليل على أنه يجب عليه أن يتمذهب بل أين الدليل على التمذهب فذاك يكون شافعيا، وذا حنبليا، وذاك يكون مالكيا، وذاك حنفيا، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء(12).

والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسألون عن الدليل، فجاء عن جابر -رضي الله عنه- أنه سئل: أأضبع صيد؟ قال: نعم، قيل له: أسمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟ قال: نعم.

وفي «الصحيحين» أن أبا موسى أستأذن على عمر وكان عمر مشغولا فقال بعد أن انتهى: ألم أسمع صوت الأشعري؟ قالوا: نعم، أستأذن ثم رجع، فقال: ائتوني به. فرجع فقال: ما منعك من الدخول! قال: هكذا أمرنا رسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. فقال: لتأتيني ببينه أو لأوجعنك. فذهب أبوموسى إلى مجلس للأنصار وقالوا: لا يقوم معك إلا أصغرنا. وهو أبوسعيد فقام وشهد له بذلك، فقال عمر: أما أني لم أتهمك بذلك ولكن أردت أن أتثبت. وفي «الصحيح» أيضا أن عمران بن حصين قال: نزلت العمرة والتمتع في كتاب الله وعملنا بها مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقال رجل برأيه -يعني عمر بن الخطاب-.

ولولا رحلة المحدثين لما وصل إلينا هذا الخير، وهذه المذاهب أوردت العداوة بين المجتمع كما يقول الزمخشري:

وإن يسألوا عن مذهبي لم أبح به                    
                    وأكتمه؛ كتمانه لي أسلم
فإن حنفيا قلت: قالوا: بأنني                    
                    أبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وإن مالكيا قلت: قالوا: بأنني                    
                    أبيح لهم لحم الكلاب وهم هم
وإن شافعيا قلت: قالوا: بأنني                    
                    أبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وإن حنبليا قلت: قالوا: بأنني                    
                    ثقيل حلولي بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه                    
                    يقولون: تيس ليس يدري ويفهم
تعجبت من هذا الزمان وأهله                    
                    فما أحد من ألسن الناس يسلم

واقرأ «السيرة» لابن كثير تجد خصاما بين الحنابلة والحنفية وبين الشافعية والمالكية ورب شخص يطرد من بلده لأنه أبى أن يتمسك إلا بالدليل.

وأما الشوكاني في كتابه «القول المفيد لأدلة الاجتهاد والتقليد» فلم يأت بشيء جديد من عنده ونحن نسأل هذا القائل: هل العامة يشملهم قول الله تعالى: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون(13)، أم لا يشملهم؟ الواقع أنه يشملهم.

يقول الله عز وجل: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(14)، ويقول: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما(15)، ويقول: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا(16).

وأنا مستعد أن آتي بطالب من هنا يكون مبرزا في العلم أحسن من عبدالعزيز القاري في الفقه، لأن فنه هي القراءة فلا نغمطه عليها، فأنا مستعد أن آتي بأخ يذكر المسألة ودليلها من كتاب الله ومن سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

ثم هم يصعبون الشيء السهل فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصف الصلاة وهو على المنبر وكان عثمان يصف الوضوء للصحابة بالفعل، وكان علي بن أبي طالب يصف الوضوء أيضا للصحابة بالفعل وأنا أسأل عبدالعزيز القاري: هل عبارات «زاد المستقنع» أسهل أم عبارات «بلوغ المرام»؟ فتجد عبارات في «زاد المستقنع» ربما يتحير القارئ فيها.

وقد ذكر بعض الإخوة في رسالة له أشياء طيبة في هذا، يقول: ومما قالوا: رجل يصلي وهو يحمل مزاده من فسو، فهل صلاته صحيحة أم لا؟ أو رجل يصلي وعنده ثوب من جلود الذر فهل صلاته صحيحة أم لا؟، ومن هذه الأمور، فاحمدوا الله الذي نجاكم من التقليد.

فهل قال لنا أبوحنيفة نقلده، وهل قال لنا مالك نقلده، وكذلك هل قال الشافعي نقلده وأيضا أقال ابن حنبل نقلده! بل نهوا عن تقليدهم.

فهذه مقالة قد سمعناها لبعض الناس ونحن في الجامعة الإسلامية، يقولون: الذين يدعون إلى الدليل يدعون الناس إلى الفرقة. فهل الذي يدعو الناس إلى أن يكونوا يدا واحدة وفكرة واحدة يدعو الناس إلى الفرقة! أم الذي يوزعهم إلى شافعي ومالكي وحنبلي وحنفي!.

وإنني أحمد الله فقد كنت أكتب على السبورة: أتحدى من يأتي بدليل على أننا ملزمون باتباع مذهب معين، فلا يستطيع أحد أن يأتي بدليل، ونحن في الجامعة الإسلامية.

وأما بالنسبة للتفسير فالشوكاني -رحمه الله- يقول في «تفسير ابن كثير»: وتفسيره من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها. قال ذلك في «البدر الطالع» في ترجمة ابن كثير، ويقول السيوطي كلاما نحو ذلك قال ذلك في «طبقات الحفاظ»، فـ«تفسير ابن كثير» فيه العقيدة الحقة، فلا أعلم له نظيرا.

أما «تفسير الجلالين» فهو مضطرب، فتارة يقول في ﴿استوى استوى استواء يليق بجلاله، وتارة يقول: استولى، لأن المؤلفين اثنان أحدهما جلال الدين السيوطي، ويقول في ﴿العزيز الحكيم قال: في صنعه، فنقول: لا، هو حكيم مطلق في صنعه وفي وعده ووعيده وفي جميع شئون خلقه، وهكذا «تفسير البيضاوي».

فأف ثم أف لهذه المقالة، أيعادل «تفسير ابن كثير» بـ«تفسير الجلالين» وبـ«تفسير البيضاوي»! وأنا أخشى يا عبدالعزيز أن يكون هناك شيء بعد هذه الإرشادات إلى «تفسير الجلالين» و«البيضاوي» والتزهيد في «تفسير ابن كثير».

ويقول في «تفسير ابن كثير»: ليس فيه إعراب. فأقول: هل أنزل القرآن من عند الله لأجل الإعراب نعربه مبتدأ وخبرا وفعلا وفاعلا وحالا أم أنزل من أجل الهداية؟. والجواب: أنه أنزل من أجل الهداية وبيان الأحكام.

بل الإعراب في تفسير القرآن يشغلك عن التدبر، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها(17)، ويقول: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته(18). فهذا الكلام أخشى أن بعده شيئا، ولعبدالعزيز القاري رسالة طيبة في الرد على الإخوان المسلمين بعنوان: «العقيدة أولا لو كانوا يعلمون».

السؤال104: هل يشترط إقامة الحجة على مرتكب الكفر أو البدعة مع أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حكم على ذو الخويصرة، فقال: «يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين». وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «الخوارج كلاب النار»، وقوله: «القدرية مجوس هذه الأمة»؟

يحكم عليه بظاهر فعله، والعذر بالجهل بينه وبين الله سبحانه وتعالى، فنحن نؤمن ونعتقد أن الجاهلين يعذرون وربما يختبرون في عرصات القيامة، كما جاء في حديث أبي هريرة وفي حديث الأسود بن سريع.

_______________________

(1) سورة الأعراف، الآية: 180.

(2) سورة آل عمران، الآية: 128.

(3) سورة النساء، الآية: 48.

(4) سورة المؤمنون، الآية: 53.

(5) سورة النساء، الآية: 83.

(6) سورة النحل، الآية: 43.

(7) سورة العنكبوت، الآية: 43.

(8) سورة القصص، الآية: 79-80.

(9) سورة الأنعام، الآية: 152.

(10) سورة المائدة، الآية: 8.

(11) سورة آل عمران، الآية: 160.

(12) سورة الأنعام، الآية: 159.

(13) سورة الأعراف، الآية: 3.

(14) سورة الحشر، الآية: 7.

(15) سورة النساء، الآية: 65.

(16) سورة الأحزاب، الآية: 36.

(17) سورة محمد، الآية: 24.

(18) سورة ص، الآية: 29.


تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • عنوان الكتاب: تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 694731
  • التحميلات: 27613
  • تفاصيل : الطبعة الأولى -دار الآثار صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب